| دار الإفتاء المصرية | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الخميس 3 يناير 2013 - 20:27 | |
| لجنة التقويم العلمي والإعداد الإعلامي: هي لجنة تقوم على العناية بما تبثه دار الإفتاء المصرية إلى الخارج محليًّا وعالميًّا من خلال قنواتها المختلفة؛ من حيث اختيار المادة شكلا ومضمونًا، ومن حيث وضع ضوابط وأسس النشر الإعلامي للدار، كما تعمل على بناء ورفع كفاءة العناصر المختارة للتعامل مع الإعلام المحلي والعالمي. ومن اللجان الأخرى في الدار: اللجنة الطبية، اللجنة الفلكية، اللجنة الاقتصادية. | |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الخميس 3 يناير 2013 - 20:27 | |
| مشروع مركز الأبحاث
يقوم مركز الأبحاث في دار الإفتاء المصرية على مجموعة من المتخصصين في المجال الشرعي والنفسي والاجتماعي، وللمركز مهام محددة من أهمها: 1- عمل الدراسات اللازمة لإدراك الواقع المعيش إدراكًا دقيقًا وشاملا، وكذلك تتبع الظواهر الاجتماعية المختلفة ومقتضيات التنمية الشاملة للمجتمع المصري خاصة والوطن العربي والإسلامي عامة، وكذلك وصف الحالة الدولية والعالمية وتتبع الأفكار الناشئة والتيارات المختلفة في جميع أنحاء العالم؛ وذلك بغية تأسيس الفتوى تأسيسًا سليمًا يتفق مع صحيح الدين وتحقيق المقاصد الشرعية العليا من حفظ النفس والعقل والدين وكرامة الإنسان وملكه، ويلتزم بالقيم الحاكمة من عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس، ويحصل المصالح المرعية للفرد والمجتمع والأمة. 2- صياغة النتائج التي توصل إليها المركز عن طريق مجموعة الأساتذة والباحثين فيه، حيث يقوم المركز بصياغة هذه النتائج وعرضها من خلال الوسائل الإعلامية المختلفة من الكتاب إلى شبكة المعلومات الدولية إلى برامج الفضائيات الإعلامية ونحو ذلك. وكل ذلك مساهمة في الدار في دعم قيم البحث العلمي الجاد، وأيضًا القيام بدور فعال من خلال تقديم الاستشارات المتنوعة لذوي الشأن والاختصاص للحفاظ على قيم المجتمع المسلم ورفع كفاءته. 3- إصدار أبحاث متخصصة في صورة كتيبات تجيب عن القضايا الكبرى الشائعة في عصرنا الحاضر والتي تحتاج إلى بيان لعموم الناس خاصة المسلمين مما يؤدي إلى شيوع الثقافة الدينية وإلى مزيد من الفهم وإلى استقرار الأمن الاجتماعي. 4- العمل على جمع وتصنيف دليل مرشد لمحاكم الأسرة يستعين به المختص والمحكم ورجال القضاء. 5- نقل وتبادل الخبرة مع المراكز الشقيقة التي تشترك مع المركز في أهدافه أو في بعضها كمركز الدراسات الاستراتيجية ونحوه من المراكز. 6- عمل الدراسات اللازمة لنشاط اللجان المتخصصة بدار الإفتاء كاللجنة الاقتصادية، ولجنة المقاصد، ولجنة الفلك، واللجنة الطبية ونحوها، واستكمال الأبحاث والدراسات التي توصي بها هذه اللجان.
| |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الخميس 3 يناير 2013 - 20:28 | |
| المركز الإعلامي بدار الإفتاء
لقد تم إنشاء المركز الإعلامي انطلاقًا من إيمان دار الإفتاء المصرية بأهمية الإعلام لتوصيل رسالة الدار إلى الأمة وتنظيم العلاقة الإعلامية بين الدار وغيرها من المؤسسات المحلية والعالمية، ويمكن صياغة الأهداف التي يعمل المركز على تحقيقها في الآتي:
1- متابعة ومراقبة وسائل الإعلام محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا. 2- تعزيز الوعي بالدور الذي تضطلع به دار الإفتاء. 3- توجيه الرسائل وإصدار الفتاوى بشكل فعال من دار الإفتاء.
أقسام المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية:
- وحدة المتابعة الإعلامية وكتابة التقارير الصحفية اليومية. - وحدة إصدار البيانات والأخبار الصحفية. - وحدة التدريب وتفعيل الأداء الإعلامي ووضع الخطط. - وحدة التنسيق الإداري والاتصالات.
| |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الخميس 3 يناير 2013 - 20:29 | |
| البروتوكولات: - تقديم الاستشارات الإعلامية. - توفير مواد إعلامية باللغات المختلفة: العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والروسية، والتركية، والأردية، ولغة الملايو. - المتابعة الإعلامية اليومية للصحف المصرية. - رصد التغطية السلبية أو غير الدقيقة. - معالجة كل خبر غير دقيق أو سلبي. - التحضير للأحداث الإعلامية وغيرها من الأحداث العامة. - وضع استراتيجيات للإعلان عن الآراء الرئيسية. - تقديم المشورة حول الشئون الإقليمية والعالمية والأحداث التي ينبغي أن يدلي فيها المفتي برأيه. - تقييم ردود الفعل حول الفتاوى والآراء الصادرة وتقديم المشورة والتوضيح إذا لزم الأمر. ويقوم المركز لتحقيق هذه الأهداف باستخدام عدد من الأدوات؛ وهي: المراجعة الإعلامية: - مراجعة المواد الإعلامية المختلفة. - المراقبة والتحليل وعمل القصاصات الصحفية بشكل يومي. - تتبع التغطية الإعلامية المصرية والإقليمية لدار الإفتاء، وفضيلة المفتي، والقضايا الدينية الرئيسية. المؤتمرات الصحفية: إصدار بيانات ذات أهمية محلية وعالمية.
ثناء وتقدير: أثناء زيارة وفد دار الإفتاء بسلطنة عمان، وزيارة وفد دار الفتوى اللبنانية أعربوا عن إعجابهم بالمشروع، وطلبوا إرسال الدراسة الكاملة للمشروع للبدء في تنفيذها عندهم. | |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الخميس 3 يناير 2013 - 20:29 | |
| مفاهيم إفتائية ************** 1 - أصول الفقه 2 - الإجتهاد 3 - الإجماع 4 - الإفتاء بين اللغة والشرع 5 - التلفيق 6 - التوقف 7 - الحكم الشرعي 8 - الدين 9 - الرفق 10 - الشرع والشريعة 11 - العلم 12 - الفقه 13 - القياس 14 - المرجعية 15 - المشافهة 16 - الورع 17 - رفع الحرج 18 - الاستنباط 19 - فقه الواقع 20 - السؤال 21 - الأصولي والأصولية 22 - المنهج العلمي 23 - بين القاضي والمفتي 24 - البدعة والابتداع 25 - اقسام الحكم الشرعي 26 - التوقيع عن رب العالمين 27 - الجواب 28 - السبب 29 - الشرط 30 - الصحة والفساد والبطلان 31 - العادة 32 - المذهبية واللامذهبية 33 - المشقة 34 - سد الذرائع 35 - عموم البلوى | |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الخميس 3 يناير 2013 - 20:31 | |
| أصول الفقه
تعريف أصول الفقه
هو علم بقواعد وقوانين يحتاج إليها الفقيه؛ ليتعرف منها كيفية استنباط الأحكام الشرعية لأفعال المكلفين من أدلتها التفصيلية.
موضوع علم أصول الفقه: يبحث علم أصول الفقه في الأدلة الشرعية الكلية من حيثُ كيفية استنباط الأحكام الشرعية الفرعية منها.
المصادر التي أُخذ منها علم أصول الفقه: مباحث علم أصول الفقه مأخوذة من: علوم اللغة العربية، وبعض العلوم الشرعية، كالفقه وعلم الكلام والتفسير والحديث, وبعض العلوم العقلية.
الغرض من علم أصول الفقه (الذي يقصِده الدارس له، ويبعثُ همتَه على معاناة مباحثه): اكتساب القدرة على استنباط الأحكام الشرعية لأفعال المكلَّفين من أدلتها الأربعة المتفق عليها: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وغيرِها من الأدلة المختلف فيها، كقول الصحابي. ومن هنا نعرف أن علم أصول الفقه من أهم العلوم التي يجب أن يتقنَها طلابُ الفقه، الذين يأملون أن يصيروا -يومًا ما- من فقهاء الإسلام، وأنَّ من اقتحم الحقل الفقهي من غير معرفة عميقة بهذا الفن هو من أبعد الناس عن استحقاق اسم الفقيه، لاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الوقائع الحديثة التي لا مفر من تصدي فقهاء العصر لبيان الحكم الشرعي فيها، فإن أقدَم المقتحِمُ للمجال الفقهي على الاجتهاد فيها من غير بصيرة بعلم أصول الفقه فإنه يخبط خبْطَ عشواء، ويأتي بالجهالات والضلالات، مما يؤدي إلى شيوع الفوضى والبلبلة، ولهذا جعل الأصوليون إتقان علم أصول الفقه من الشروط المتفق عليها لبلوغ رتبة الاجتهاد.
وفائدته (التي تتحقق من إتقان قواعده بالفعل): صحة الاستنباط للأحكام الشرعية العملية
أول من صنف في علم أصول الفقه: الإمام الشافعي -رضي الله عنه-؛ حيث صنف فيه كتابه المشهور: "الرسالة"، والذي كان فتحًا علميًّا عظيمًا؛ إذ وفَّقَ اللهُ الشافعيَّ إلى الجمْعِ بين مزايا مدرسة أهل الحديث، ومزايا مدرسة أهل الرأي، فضيَّق الفجوةَ بينهما، ولهذا لقيَ كتابُ الرسالة القبولَ والترحيب من أئمة المدرستين، وكان مِثالًا يُحتَذَى لمن كتب بعده في علم أصول الفقه.
الداعي إلى وضعه: أنهم نظروا في تفاصيل الأحكام والأدلة وعمومِها , فوجدوا الأدلة راجعة إلى الكتاب والسنة والإجماع والقياس, ووجدوا الأحكام راجعة إلى الوجوب والندب والإباحة والكراهة والحرمة , وتأملوا في كيفية الاستدلال بتلك الأدلة على تلك الأحكام -إجمالا من غير نظر إلى تفاصيلها إلا على سبيل التمثيل- فحصل لهم قضايا كلية متعلقة بكيفية الاستدلال بتلك الأدلة على الأحكام إجمالا, وبيانِ طرق هذا الاستدلال وشرائطه؛ ليُتوصل بكلٍّ من تلك القضايا إلى استنباط كثير من الأحكام الجزئية من أدلتها التفصيلية, فضبطوها، ودونوها على هيئة قواعد كلية، وأضافوا إليها من اللواحق والمكمِّلات, وسمَّوا العلم المتعلق بها: أصول الفقه
حكم تعلم أصول الفقه: هو فرض على الكفاية، وقد يتعين على بعض الأشخاص عند الحاجة إليه، ولا يتأتى تعلمُّه من غيرهم على نحو تتحقق به الكفاية.
العلاقة بين علمي الفقه وأصول الفقه: أن الفقه:معرفة الأحكام الشرعية العملية المستمدة من الأدلة التفصيلية. وأما أصول الفقه: فهو معرفة القواعد والأحكام الكلية التي يتمكن بها الفقيه من استخراج الأحكام الشرعية لأفعال المكلَّفين من: الكتاب، والسنة، وغيرهما من الأدلة الشرعية التابعة لهما. فأصول الفقه: هو الوسيلة التي يستخدمها الفقيه ليستخرج بها الحكم من الدليل التفصيلي. والمثال الحسي الذي يقرب هذا المعنى من الأذهان هو: استخراج الماء من البئر، فمن يريد استخراج الماء من البئر لا بد له من آلة يستخرج بها الماء، وهي: الحبل والدلو، وكيفية يستخرجه بها. وكذلك الفقيه الذي يريد استنباط الحكم الشرعي من مصادره، لا بد له من أدوات علمية تمكنه من التعامل الصحيح والدقيق مع المصادر الشرعية، حتى يتأتى له أن يستخرج الأحكام الشرعية منها استخراجًا صحيحًا. وهذه الأدوات العلمية كثيرة، منها: علوم اللغة، ويقع على رأسها: الأدلة الكلية التي يتضمنها علم أصول الفقه، وتعد القسم الأول من أقسامه الرئيسة. ونظير هذه الأدوات في مثال البئر: الحبل والدلو. ثم لا يكفي أن تتوفر الأدوات العلمية لدى الفقيه، بل لا بد من واسطة أخرى يستخلص بها الحكم، وهي كيفية الاستدلال بالأدلة على الأحكام، وهذا هو القسم الثاني من الأقسام الرئيسة في علم أصول الفقه. ومما سبق يتضح لنا الفرق بين علم الفقه وعلم الأصول، والذي يتلخص في أن الفقه: معرفة الأحكام الشرعية لأفعال المكلفين، وعلم الأصول وسيلة لهذه المعرفة، بل هو أخص الوسائل وألصقها بالفقه.
علاقة أصول الفقه بالإفتاء: تظهر علاقة علم أصول الفقه بعملية الإفتاء من خلال تحليل عملية الإفتاء إلى أركانها الثلاثة، وهي: المفتي والمستفتي والفتوى. أما المفتي فله من علم أصول الفقه نصيب وافر؛ حيث أفاض الأصوليون في الحديث عن شروط المفتي، وأقسام المفتين، وبعض الأحكام المتعلقة بالمفتي. وأما المستفتي فقد تعرض الأصوليون لآدابه وبعضِ الأحكام المتعلقة به. ولا تخلو كتب الأصول من التعرض للكلام عن بعض المباحث المتعلقة بالفتوى، وهذا في الكتاب الأخير من كتب علم الأصول. فالحديث عن عملية الإفتاء جزء مهم من علم أصول الفقه. وقد أشار شيخنا العلامة الأستاذ الدكتور/ علي جمعة- مفتي الديار المصرية- إلى أن عملية الإفتاء رغم ما نالته من عناية الأصوليين بالحديث عنها، إلا أنها لما تنلْ ما تستحقه من الاهتمام خاصة من جانب فقه الواقع. كما تظهر العلاقة بين الفتوى والأصول عند الحاجة إلى الإفتاء في المسائل الجديدة التي لم يتعرض لها الفقهاء السابقون؛ حيث لا يستغني المفتي حينئذٍ عن استخدام علم الأصول في استنباط الحكم الشرعي لهذه النوازل. | |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الخميس 3 يناير 2013 - 20:39 | |
| الإجتهاد
المعنى اللغوي والإصطلاحي
في اللغة: الجَهْدُ والجُهْدُ الطاقة، وقيل:الجَهْد المشقة، والجُهْد الطاقة، والجَهْدُ ما جَهَد الإِنسان من مرض أَو أَمر شاق، فهو مجهود قال: والجُهْد لغة بهذا المعنى، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، وجَهَدَ يَجْهَدُ جَهْدًا واجْتَهَد كلاهما جدَّ وجَهَدَ دابته جَهْدًا وأَجْهَدَها بلغ جَهْدها. وسواء كان ذلك في معرفة حكم شرعي اعتقادي أو عملي، أو معرفة حكم لغوي أو مسألة عقلية، أو كان في أمر محسوس كحمل شيء. الاجتهاد في الاصطلاح: بذل الطاقة من الفقيه في تحصيل حكم شرعي ظني. ومن هنا يتبين لنا أن الاجتهاد لا يكون إلا في المسائل الظنية. وهو بهذا المعنى يتفق مع الفقه في أكثر مسائله، وإن كان الفقه يتناول بالمعنى الذي ذهب إليه الفقهاء الأحكام القطعية التي تتناول الأفعال، كقولهم: الصلاة واجبة، إلى غير ذلك. ومفهوم الاجتهاد من أهم المفاهيم التي تشهد حالة من تعثر الفهم أحيانًا ومن الانتشار والتشتت أحيانًا أخرى؛ وذلك لما يسود الحالة الثقافية من اختلاط لمدلول هذا المفهوم بمدلولات مفاهيم أخرى. فليس الاجتهاد مجرد إعمال للعقل فقط كما قد يظهر للبعض ولو بغير أدوات علمية، وليس الاجتهاد مرادفًا للإبداع المطلق كما في اصطلاح بعض المثقفين اليوم، وإنما الاجتهاد هو بذل الوسع والطاقة لتحصيل حكم شرعي كما سبق، ومن ثم فإنه عملية مركبة تحتاج إلى إدراك الواقع وفهم النصوص فهمًا عميقًا، ثم المزاوجة بين النص والواقع في تنزيل النص على الواقع من غير تقصير في تنفيذ النصوص الشرعية، ولا غياب عن الواقع الفعلي، ولا تضيق على المكلفين في أمر دينهم، كل ذلك تحقيقًا لأمر الله تعالى من عباده بتنفيذ أحكامه واجتناب نهيه والتزام أمره. والاجتهاد هو ملكة داخلية يجدها المجتهد في نفسه، فهو ليس فقط أدوات يحصلها المجتهد، وإنما أيضًا هو ملكة تحصل في نفس المجتهد يرى بمقتضاها رؤى جديدة في الأحكام الإسلامية لا يستطيع لها دفعًا طبقًا لما يراه في واقعه، الذي يختلف عن واقع غيره من المجتهدين من خلال الرباعية التي بها تتغير الأحكام: الزمان والمكان والأشخاص والأحوال. وبهذا المفهوم فإن باب الاجتهاد مفتوح لكل من حصل شروط الاجتهاد، وتكونت فيه هذه الملكة المتحدث عنها. ويختلف الاجتهاد عن التجديد في الخطاب الديني الذي يشتمل تجديد المحتوى وطريقة العرض والنصوص والمفاهيم وغيرها من مكونات الخطاب، والتي قد يخلط غير المختصين بينها وبين الاجتهاد. وقد يسبب هذا الخلط نوعًا من اللبس في أذهان العامة والمثقفين، باعتقاد أن الاجتهاد عملية بسيطة تعتمد على الذكاء أو مجرد التفكير الحر. والاجتهاد عبادة يثاب عليها المجتهد؛ فعن أبي قيس، مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)). فالمجتهد على كل حال مثاب؛ في حالة الصواب له أجران: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وفي حالة الخطأ له أجر الاجتهاد، قال ابن المنذر: إنما يؤجر على اجتهاده في طلب الصواب لا على الخطأ. ولفظة "الحاكم" في الحديث عامة تتناول المجتهد في شؤون الدولة وهو صاحب الولاية كالرئيس والقاضي، وفي شأن الدين وهو الفقيه، شريطة أن يكون قد حصل له رتبة الاجتهاد حقيقة، قال ابن بطال: وإنما يكون الأجر للحاكم المخطئ إذا كان عالـمًا بالاجتهاد والسنن.
الاجتهاد والمصطلحات المشابهة: من المصطلحات التي تشارك الاجتهاد في ذات الحقل الدلالي، ولكنها في نفس الوقت تختلف في مقصودها عنه، مصطلح الاستنباط وهو: استخراج الحكم أو العلة إذا لم يكونا منصوصين ولا مجمعا عليهما بنوع من الاجتهاد فيستخرج الحكم بالقياس، أو الاستدلال، أو الاستحسان، أو نحوها، وتستخرج العلة بالتقسيم والسبر، أو المناسبة، أو غيرها مما يعرف بمسالك العلة. ويتضح من ذلك أن بين عملية الاجتهاد وعملية الاستنباط نوع تداخل، وإن كان الاستنباط في طريق الاجتهاد، فكأنه أداة من أدوات الاجتهاد. ومثل الاستنباط في ذلك: "القياس" الذي عرفه الأصوليون: بكونه مساواة فرع لأصل في علة الحكم، أو زيادته عليه في المعنى المعتبر في الحكم، وقيل: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما بجامع حكم أو صفة أو نفيهما، فهو أيضا بمثابة عملية وأداة من أدوات الاجتهاد. ومن القواعد الشهيرة المتعلقة بالاجتهاد، قاعدة: "لا اجتهاد مع النص ..."، ولا تعني: لا اجتهاد في فهم النص، كما يظن البعض، بل المراد: لا اجتهاد مع وجود النص القطعي الذي يدل على معنى واحد ولا يحتمل معنى سواه، أما لو كان اللفظ يقبل التفسير باحتمالات متعددة فهنا يكون لعقل الفقيه مجال في النظر؛ من أجل ترجيح بعض هذه الاحتمالات على بعض.
حكم الاجتهاد: الاجتهاد فرض كفاية؛ إذ لا بد للمسلمين من استخراج الأحكام لما يحدث من الأمور. ويتعين الاجتهاد على من هو أهله إن سُئل عن حادثة وقعت فعلا، ولم يكن يوجد غيره ينهض لها، وضاق الوقت بحيث يخاف من وقعت به فواتُها إن لم يجتهد من هو أهلٌ لتحصيل الحكم فيها. وقيل: يتعين أيضًا إذا وقعت الحادثة بالمجتهد نفسه، وكان لديه الوقت للاجتهاد فيها. وهذا رأي الباقلاني والآمدي وأكثر الفقهاء. وقال غيرهم: يجوز له التقليد مطلقًا، وقال آخرون: يجوز في أحوال معينة.
شروط الاجتهاد: قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، قال الإمام الشافعي فيما رواه عنه الخطيب: لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله، إلا رجلا عارفًا بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيّه ومدنيّه، وما أُريد به، ويكون بعد ذلك بصيرًا بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيرًا باللغة، بصيرًا بالشعر، وما يحتاج إليه للسنة والقرآن ويستعمل هذا مع الإنصاف، ويكون مشرفًا على اختلاف أهل الأمصار، وتكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي. ونقل ابن القيم قريبًا من هذا عن الإمام أحمد.ومفهوم هذه الشروط: أن فتيا العامي والمقلّد الذي يفتي بقول غيره لا تسمي "اجتهادًا"، وإنما هو نقل لاجتهاد مجتهد آخر.
درجات الاجتهاد: الاجتهاد قد يكون مطلقًا كاجتهاد الأئمة الأربعة ومثلهم الإمام الأوزاعي بالشام، والليث بن سعد بمصر، وابن أبي ليلى والثوري بالعراق. وضابط المجتهد المطلق "وهو من حصَّل شروط الاجتهاد كاملةً، وأسَّس لنفسه أصولاً وقواعد خاصة به، واستنبط أحكام الفروع من تلك الأصول معتمدًا على القرآن الكريم والسنة والإجماع والقياس، وما يتعين لديه الأخذ به من غيرها". يضاف إلى ذلك بلوغ الدرجة القصوى في إدراك الواقع والتعمق في فهم النصوص الشرعية مع سعة أفق التفكير المستقبلي. وقد يكون الاجتهاد غير مطلق بأن يكون الاجتهاد داخل المذهب، ويعرف هذا بمجتهد المذهب، وهؤلاء المجتهدون لا يختلفون مع أئمتهم لا في الأصول ولا في الفروع، ولكن يخرجون المسائل التي لم يرد عن الإمام وأصحابه رأي فيها، ملتزمين منهج الإمام في استنباط الأحكام. وربما يخالفون إمامهم في المسائل المبنية على العرف. ويعبرون عن هذه المسائل بأنها ليست من قبيل اختلاف الدليل والبرهان، ولكن لاختلاف العرف والزمان، بحيث لو اطلع إمامهم على ما اطلعوا عليه لذهب إلى ما ذهبوا إليه. وهؤلاء هم الذين يعتمد عليهم في تحقيق المذهب وتثبيت قواعده وجمع شتاته. وممن عدوا في هذه الطبقة كمجتهدي مذهب: · من الحنفية: أبو منصور الماتريدي، وأبو الحسن الكرخي، والجصاص الرازي، وأبو زيد الدبوسي، وشمس الأئمة الحلواني، وشمس الأئمة السرخسي. · ومن المالكية: أبو سعيد البرادعي، واللخمي، والباجي، وابن رشد، والمازري، وابن الحاجب، والقرافي. · ومن الشافعية: أبو سعيد الإصطخري، والقفال الكبير الشاشي، وحجة الإسلام الغزالي. · ومن الحنابلة: أبو بكر الخلال، وأبوالقاسم الخرقي، والقاضي أبو يعلى الكبير.
الاجتهاد والإفتاء: "الإفتاء" يكون فيما علم قطعًا أو ظنًّا، أما "الاجتهاد" فلا يكون في القطعي. و"الاجتهاد" يتم بمجرد تحصيل الفقيه الحكم في نفسه، ولكن لا يتم الإفتاء إلا بتبليغ الحكم للسائل. والذين قالوا: إن المفتي هو المجتهد، أرادوا بيان أن غيرالمجتهد لا يكون مفتيًا حقيقةً، وأن المفتي لا يكون إلا مجتهدًا، ولم يريدوا التسوية بين الاجتهاد والإفتاء في المفهوم. ومن جهة أخرى، يظهر الترابط الشديد بين مفهوم "الاجتهاد" ومفهوم "الفتوى"، ولا أدل على ذلك من اشتراط بعض العلماء في المفتي أن يكون قد حصل رتبة الاجتهاد، فهو من المفاهيم المحورية في عملية الإفتاء، وإن كنا نرى أن العملية الإفتائية يُكتفى فيها بالفقيه الذي حصل رتبة فهم النصوص الشرعية والتراث الفقهي، ونرى أنه يجوز له أن يقلد الأئمة المتبوعين في الفتوى .
| |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الخميس 3 يناير 2013 - 20:40 | |
| الإجماع
يشتمل علم أصول الفقه على أقسام عدة، لعل أهمها هو قسم الأدلة ؛ إذ في هذا القسم من أقسام علم الأصول يتبين للدارس المصادرُ التي يتوجه إليها طالب الحكم الشرعي ليستخلص منها مطلوبه، ويظفر فيها ببغيته.
وهذه الأدلة تنقسم إلى قسمين: الأدلة المتفق عليها. والأدلة المختلف فيها.
أما الأدلة المتفق عليها، فهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. وقد نازع البعض في حجية الإجماع والقياس، لكنَّ رأيهم شاذ غير معتبر؛ لضعف ما استندوا إليه. وليس كلُّ خلاف جاء معتبرًا إلا خلافٌ له حظ من النظر وأما الأدلة المختلف فيها، فهي التي اعتد بها بعض الأصوليين في إظهار الأحكام الشرعية، ولم يعتد بها بعضُهم الآخر، ومنها: الاستحسان، وشرع مَن قبلنا... إلخ. نخلص من هذا إلى أنَّ من الأدلة المتفق عليها:الإجماع.
تعريف الإجماع: الإجماع في اللغة يأتي بمعنيين هما: العزم، والاتفاق. فيقال : أجمع فلان كذا ، أو: أجمع على كذا، إذا عزم عليه. ومنه قوله تعالى إخبارًا: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} أي: اعزموا عليه. ويقال أيضًا: أجمع القوم على كذا، أي: اتفقوا عليه.وهذا المعنى هو الأقرب إلى المعنى الاصطلاحي.
الإجماع في اصطلاح الأصوليين: هو اتفاق جميع المجتهدين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- في أي عصر من العصور، بعد عصره -صلى الله عليه وسلم-، على أيِّ أمرٍ من الأمور.
والمراد بالاتفاق: - الاشتراك في الاعتقاد أو القول أو الفعل. - وإذا أطبق بعضهم على الاعتقاد، وبعضهم على القول أو الفعل الدالَّين على الاعتقاد. واحترز بلفظ: (جميع المجتهدين) عن أمرين هما: - اتفاق غير المجتهدين، كالعامة، فلا يعتبر قولهم في الإجماع، ولا في الاختلاف. - واتفاق بعض المجتهدين، فلا يكون إجماعًا. واحترز بقوله: (من هذه الأمة) عن المجتهدين من أصحاب الشرائع السالفة، فاتفاقهم على حكم من الأحكام لا يكون إجماعًا معتبرًا في شرعنا. واحترز بقوله: (في أي عصر) عن إيهام أن الإجماع لا يتم إلا باتفاق مجتهدي جميع الأعصار إلى يوم القيامة لتناول لفظ المجتهدين جميعهم، بل يكفي في تحقق الإجماع أن يتفق المجتهدون في أي عصر من الأعصار بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقوله: (بعد عصره -صلى الله عليه وسلم- احترز به عن اتفاق فقهاء الصحابة في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا يكون إجماعًا معتبرًا، لأنه -صلى الله عليه وسلم- إمام الفقهاء، فلا يحصل الاتفاق في عصره إلا بموافقته، ولو وافقهم كانت الحجة في قوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، فلا حاجة لموافقة فقهاء الصحابة. وإنما قيل: (على أي أمر من الأمور) ليكون التعريف متناولاً للإجماع على: القول، والفعل، والإثبات، والنفي، والأحكام العقلية، والأحكام الشرعية. فكلها تثبت بالإجماع.
هل يمكن انعقاد الإجماع؟ انعقاد الإجماع متصور، وأنكر بعض الروافض والنظَّام من المعتزلة تصور انعقاد الإجماع على أمر غير ضروري، مستدلين بما يلي: أولا: إن انتشارَ العلماء المجتهدين في مشارق الأرض ومغاربها يمنع نقل الحكم إليهم عادة, فإذا امتنع ذلك امتنع الاتفاق على الحكم. ثانيًا: لا بد للإجماع من مستند، وهذا المستند إما أن يكون دليلا قاطعًا أو غلبةَ ظن؛ إذ لا ثالث, فإن كان اتفاقهم عن دليل قاطع فالعادة تُحيل عدمَ نقله وتواطؤَ الجمعِ الكثير على إخفائه، وحيث لم ينقل هذا الدليل القاطع دل على عدمه، فانعدم الإجماع بانعدامه. وإن كان إجماعهم مستندًا إلى ظنٍّ غالبٍ فالاتفاق فيه ممتنع عادة أيضًا؛ لاختلاف القرائح، كما أن العادة تحيل اتفاقهم على أكل طعام واحد معين في يوم واحد.
الجواب عن هذه الشبهة: أجاب الإمام ابن السمعاني وغيره عن هذه الشبهة بأن هذا فاسد; لأن الإجماع لما كان متصورًا في الأخبار المستفيضة يكون متصورًا في الأحكام أيضًا; لأنه كما يوجد سبب يدعو إلى إجماعهم على الأخبار المستفيضة، يوجد أيضًا سبب يدعو إلى إجماعهم على الأحكام الشرعية، وهو حاجتهم إلى معرفة الأحكام الشرعية للاعتقاد والعمل، وتعريف الناس بها. وقولهم: "إن انتشار العلماء المجتهدين في البلدان يمنع نقل الحكم إليهم عادة" يجاب عنه بأنه إنما يمنع عن النقل عادة إذا لم يكونوا مُجِدِّين وباحثين عن الأحكام الشرعية، فأما إذا كانوا كذلك فلا يمتنع معرفتهم جميعًا بالحكم. وقولهم في الدليل الثاني: "إن كان اتفاقهم عن دليل قاطع فالعادة تُحيل عدمَ نقله... إلخ" يجاب عنه بأن العادة لا تحيل -أيضًا- عدمَ نقلِ المستند القاطع إذا استُغنِي عن نقله بدلالة غيره على حكمه، كالإجماع في مثالنا, فإنه أغنى عن ذكر المستند القاطع. وقولهم: "إن كان إجماعهم مستندًا إلى ظنٍّ غالب، فالاتفاق فيه ممتنع عادة أيضًا؛ لاختلاف القرائح" يجاب عنه بأن اختلاف القرائح إنما يمنع من الاتفاق فيما هو خفيٌّ من الظن، لا فيما هو جلي منه، بحيث لا يختلفون فيه، بل يؤدي اجتهاد الكل بالنظر فيه إلى حكم واحد. ويَبطُل جميعُ ما ذكروا من الشُبَه بوقوع الإجماع وتكرره على مر العصور. فإنا نعلم علمًا -لا مراء فيه- بإجماع الصحابة على تقديم النص القاطع على ما ليس كذلك. وبإجماع جميع الحنفية على وجوب إخفاء التسمية في الصلاة. وبإجماع جميع الشافعية على بطلان النكاح بغير ولي. الوقوع دليل الجواز وزيادة.
أهمية الإجماع: الإجماع له فوائد عظيمة منها: أولا: أنه مصدر من مصادر التشريع الإسلامي التي تعكس مظهرًا من مظاهر ثراء الشريعة الإسلامية وسعتها، وقدرتها على بيان حكم الله تعالى في كل فعل من أفعال المكلفين؛ حيث إن الإجماع يفيد في بيان كثير من الأحكام الشرعية التي لم ينص عليها في الكتاب والسنة. ثانيًا: الإجماع ينقل الحكم من حيز الظنية إلى حيز القطعية؛ لأن الإجماع حجة قطعية على الصحيح الذي دل عليه المعقول والمنقول. وهنا تظهر فائدة الإجماع في حالة الأحكام الظنية المنصوص عليها، حيث إن النص عليها أثبتها، لكنها بقيت ظنية؛ لوقوع الظن في طريق ثبوتها إن كانت ثابتة بأحاديث الآحاد، أو في دلالتها إن كان النص الذي أثبتها ظنيَّ الدلالة؛ لقبوله عدة احتمالات اجتهد الفقيه في ترجيح أقواها. فيأتي الإجماع على هذا الحكم الظني -الثابت بالنص- ليكسبه قوة إضافية ترتقي به إلى مرتبة القطع واليقين، بعد أن كان في مرتبة الظن الغالب. ثالثًا: الإجماع حائط صدّ، يحمي الشريعة من هجمات أهل الأهواء والبدع، الذين يفسرون الكتاب والسنة بأهوائهم الفاسدة من غير التزام بقواعد تفسير النصوص الواجب اتباعها، ثم يشغبون على المسلمين بأحكام شاذة تخالف ما دل عليه صريح المعقول، وصحيح المنقول. فيأتي الإجماع شوكة في حلوقهم، وحجر عثرة يحول بينهم وبين ما يريدون: من إشاعة البلبلة في صفوف المسلمين، وتشكيكهم في تراثهم، وزعزعة الثقة بأئمة الإسلام الذين بذلوا النفس والنفيس في حراسة الشريعة المطهرة، وبيانِ أحكام الله تعالى على المنهج الوسط، المجافي للإفراط والتفريط. وذلك لأنهم لو خالفوا الإجماع لزم من هذا أحد أمرين: أن يكونوا على حق، وتكون الأمة قبلهم قد اجتمعت على ضلال، أو أن يكونوا هم على باطل والأمة قبلهم اجتمعت على الحق. ولا شك أن الاحتمال الثاني هو الحق؛ لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، كما أخبر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-، فيلزم من تصديقهم -فيما شذوا به- تكذيب النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أخبر به، وهو محال. ومما يبين أهمية الإجماع: ما قرره الأصوليون من أن المجتهد لا يجوز له الاجتهاد إلا بعد التحقق من أن المسألة التي يريد الاجتهاد فيها لم ينعقد فيها إجماع على حكم معين، فإن علم بانعقاد الإجماع تعين عليه الحكم بما أجمع عليه الأئمة، ولا يجوز له الحكم بما يخالفه، وإلا كان حكمه باطلا مردودًا؛ لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، كما أخبر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.
| |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية الأحد 13 يناير 2013 - 20:44 | |
| الإفتاء بين اللغة والشرع أ- معاني الإفتاء ومشتقاته في اللغة: - الإفتاء لغةً: مصدر بمعنى: الإبانة عن الأمر، ورفع الإشكال عنه. يقال: أَفْتَى الرجلُ في المسأَلة واسْتفتيته فيها فأَفتاني إفتاءً. ويقال:أفتيت فلانًا رؤيا رآها: إذا عبرتها له، ومنه قوله تعالى حاكيًا: { يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ}. - والفتوى: ما أفتى به الفقيه، والجمع : الفتاوَى والفتاوِي، يقال: أفتيته فتوى وفُتيا، إذا أجبته عن مسألته. والفتوى بفتح الفاء اتفاقًا، وأجاز بعض أهل اللغة فيها (الفُتوى) بضم الفاء. والفتح لغةُ أهل المدينة، وهو الجاري على القياس. - والفُتيا: تبيين المشكل من الأحكام. وهي اسم مصدر من الإفتاء. - والتفاتي: التخاصم. وتفاتَوا إلى فلان:تحاكموا إليه، وارتفعوا إليه في الفتيا. - والاستفتاء: طلب الجواب عن الأمر المشكل،يقال: استفتيته فأفتاني، أي: سألته أن يفتيَني (المصباح المنير مادة: ف ت ي)، ومنه قوله تعالى :{وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا}. وقد يكون الاستفتاء بمعنى: مجرد السؤال، ومنه قوله تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا}، قال المفسرون : أي: اسألهم. - والمفتي في اللغة: اسم فاعل أفتى، فهو المجيب عن سؤال المستفتي. - والمستفتي: اسم فاعل استفتى، فهو السائل الذي يسأل المفتي عما أشكل عليه. وأصلُ مادة الإفتاء ومشتقاته من (الفَتَى): وهوالشاب الحدث الذي شَبَّ وقَوِي، فكأَن المفتيَ يُقَوّي ما أشكل؛ ببيانه للمستفتي. ب – الإفتاء ومشتقاته في القرآن الكريم: ورد ذكر الفتوى ومشتقاتها في القرآن الكريم في تسع آيات كريمات، كلها تحمل معنى السؤال عمَّا أشكل من سائر الأمور الدينية والدنيوية، وهذه الآيات هي: اثنتان في سورة النساء بمعنى: الاستفتاء في أمور الدين، هما: قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}، وقوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}. وثلاث في سورة يوسف بمعنى: تفسير الرؤيا، هن: قوله تعالى: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ}، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}، وقوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ}. وواحدة في سورة الكهف بمعنى (مطلق) السؤال، وهي قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} وهي هنا في حالة النهي بمعنى: لا تسأل. وفي ذلك يقول الإمام البيضاوي: {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا}: (أي): ولا تسأل أحدًا منهم عن قصتهم سؤال مسترشد، فإن فيما أوحي إليك لمندوحة عن غيره، مع أنه لا علم لهم بها، ولا سؤال متعنت تريد تفضيح المسؤول عنه وتزييف ما عنده، فإنه مُخِلٌّ بمكارم الأخلاق". وآية في سورة النمل بمعنى طلب النصح والمشورة، وهي قول الله تعالى على لسان بلقيس: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي}. والآيتان الأُخريان في سورة الصافات بمعنى: السؤال المتعنت المطلوب من خلاله تفضيح المسؤول عنه وتزييف ما عنده؛ لأن الأمر هنا يتصل بموقف التحدي الذي وقفه الكفار من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهما: قوله تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أشد خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا}، وقوله تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ}. ج – الإفتاء ومشتقاته في الحديث الشريف: أما في الحديث الشريف فقد وردت كلمة "الفتوى" ومشتقاتها أكثر من ثمانِمئة مرة، نذكر منها: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الإثْمُ ما حَاكَ في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتَوك)). أي: وإن جعلوا لك فيه رخصة وأجازوه. وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((من أُفْتِى بفُتيا غير ثَبْتٍ؛ فإنما إثمه على مَنْ أفتاه)). وفي رواية: ((على الذي أفتاه))، وفي رواية أخرى: ((من أُفتي بفتيا بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه)). وهي هنا أيضًا بمعنى الرخصة أو الإجازة، فمن رخص لشخص أن يأتي عملا ما وهو غير متثبت من صحة الرخصة، فإن ارتكب المستفتي ذنبًا بموجب هذه الفتوى؛ فإن إثمه على المفتي. ومن الأحاديث أيضًا ما روي من أن ((أربعة تَفَاتَوا إليه عليه السلام))، أي: تحاكموا إليه، وطلبوا منه الفتوى. ومنها أيضا قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء وملائكة الأرض)) ذكره ابن الجوزي في تعظيم الفتوى. ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبقَ عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)). د- الإفتاء ومشتقاته في الاصطلاح: - تتقارب المعاني الاصطلاحية للإفتاء ومشتقاته مع المعاني اللغوية المتقدمة. - فالإفتاء في الاصطلاح: الإخبار عن حكم شرعي، لا على وجه الإلزام. "مواهب الجليل (1/32)". - وفائدة القيد الأخير (لا على وجه الإلزام) تمييز الإفتاء عن القضاء؛ لأن أظهر الفروق بينهما: أن فتوى المفتي غير ملزمة للمستفتي، بخلاف قضاء القاضي فهو ملزم للمحكوم عليه، وسيأتي المزيد من وجوه الافتراق بين الإفتاء والقضاء في الموضع المعد لذلك. - والفتوى في الاصطلاح عرفها ميارة بأنها: الإخبار بالحكم الشرعي من غير إلزام. "الإتقان والإحكام 1/ 8" وهو نفس تعريف الإفتاء السابق مع تغيير يسير في بعض الألفاظ. - وعرفها البهوتي بأنها: تبيين الحكم الشرعي لمن سأل عنه. "شرح منتهى الإرادات"، وهو قريب من التعريف السابق، غير أنه أهمل القيد الأخير. ولعله أهمله لأنه لا حاجة إليه؛ لأن القضاء لم يدخل في جنس الإفتاء أصلا حتى يحتاج إلى إخراجه بهذا القيد؛ لأن جنس الإفتاء هو الإخبار بالحكم أو التبيين، والقضاء إنشاء للحكم وليس إخبارًا به. "مواهب الجليل 1/32". - فالخلاصة: أن معنى الفتوى والفتيا في الاصطلاح: إخبار المفتي بالحكم الشرعي للواقعة المسؤول عنها. وهو لا يختلف عن معنى الإفتاء. - ومن تعريف الإفتاء والفتوى نعلم أن: - المفتي هو المخبر بالحكم الشرعي للواقعة المسؤول عنها. وفي المعجم الوجيز: "المُفْتِي: فقيهٌ تُعَيِّنه الدولةُ ليُجيبَ عمَّا يُشكل من المسائل الشرعية. والجمع: مُفْتُونَ. ودارالإفتاء، ودار الفتوى: مكان المفتي". - والمستفتي هو: السائل عن الحكم الشرعي للواقعة | |
|
| |
خادمة الحبيب المصطفى
عدد الرسائل : 656 العمر : 57 السٌّمعَة : 0 نقاط : 668 تاريخ التسجيل : 11/11/2012
| موضوع: رد: دار الإفتاء المصرية السبت 9 فبراير 2013 - 19:37 | |
| التلفيق التعريف اللغوي: لَفَقَ الثَّوبَ يلْفِقُه لَفْقًا: ضمَّ شُقّةً إلى أخْرى فخاطَهما كَمَا فِي الصّحاح. ولَفَقَ فُلانٌ الأمرَ لَفْقًا: طَلَبه فَلم يُدْرِكْه والتّلْفيقُ: ضمُّ إحْدى الشُّقّتين إلى الأخْرى، فتخِيطُهما، وَهُوَ أعمُّ من اللَّفْقِ. وَفِي العُباب: التّلْفيقُ فِي الثِّياب: مُبالَغَة فِي اللَّفْقِ. قلت: وَمِنْه أُخِذَ التّلْفيقُ فِي المسائِل. التعريف الاصطلاحي: يستعمل علماء الفقه والأصوليون مصطلح "التلفيق" ويقصدون به معاني متعددة. منها التلفيق بمعنى الضم ، كما في المرأة التي انقطع دمها فرأت يومًا دمًا ويومًا نقاءً، والركعة الملفقة في صلاة الجمعة للمسبوق، ويستعمل في غير ذلك من المعاني. وقد يطلق "التلفيق" ويراد منه العمل في حادثةٍ بمذهب، وفي أخرى بمذهب آخر. وهذا المعنى جائز شرعًا على قول جماهير الأمة؛ وذلك لأن المستفتين في كل عصر من زمن الصحابة ومن بعدهم كانوا يسألون مفتين مختلفين فيما يعنّ لهم من المسائل ويعملون بمقتضى قولهم. ويستخدم التلفيق بمعنى آخر ، وهو الذي نريد الحديث عنه؛ هو جمع المجتهد أو الفقيه أو المفتي بين أقوال مختلطة وشروط مختلفة للفقهاء في حكم مسألة واحدة معينة؛ بما يعني حدوث قول جديد لم يقل به أحد من الفقهاء المجتهدين الأقدمين، وهو في نفس الوقت ليس خارجًا عن جميع أقوالهم ولم يخالف في قوله هذا إجماع الأمة. وبعبارة أخرى: أخذ صحة فعل بعينه من أفعال المكلف من مذاهب متعددة بما لا يؤدي إلى الحكم ببطلان هذه الصورة على سائر أقوال المجتهدين ولا يخالف ذلك إجماع الأمة.
التلفيق وصحة تقليد العامي للمجتهد: من القواعد التي اتفق عليها العلماء أن العامي لا مذهب له، وإنما مذهبه مذهب مفتيه، قال الإمام ابن نجيم في البحر الرائق: "وإن كان عاميًّا ليس له مذهب معين فمذهبه فتوى مفتيه"، وقال في عبارة أخرى: "مذهب العامي فتوى مفتيه من غير تقييد بمذهب". وهذه العبارة حقيقة في التلفيق بين أقول العلماء في مسائل الدين عامة من خلال الفقه الإسلامي كله لاسيما المذاهب المعتمدة. حتى قال الشيخ بخيت المطيعي -رحمه الله-: "إن العلماء قد أجمعوا على صحة تقليد العامي للمجتهد الذي توفرت فيه شروط الاجتهاد". ومستندهم في ذلك أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولم يوجب الله سبحانه على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب معين من مذاهب الأئمة. التلفيق وإحداث قول ثالث في المسألة: الحديث هنا إنما هو عن التلفيق في المسألة الواحدة من خلال مذاهب الفقهاء المجتهدين على اتساع أقوالهم في الفقه الإسلامي. والخلاف بين العلماء في جواز التلفيق بهذا المعنى الأخير وعدم جوازه مبناه على أنه هل يجوز قيام المجتهد بإحداث قول ثالث في المسألة الواحدة والذي يترتب على (أخذه صحة فعل من أفعال المكلف من مذاهب متعددة)، أم لا؟ والصحيح جواز الاجتهاد وإحداث قول ثالث مركب من القولين بأن يأخذ بقول أحد المجتهدين في حادثة، وبقول الآخر في حادثة أخرى إذا لم يخرق إحداث هذا القول الثالث إجماع من قبله من الفقهاء والمجتهدين. وبناء على جواز تقليد العامي للمجتهد مطلقًا، وجواز إحداث قول ثالث في المسألة يجوز التقليد مع التلفيق. وعلى هذا الفرض فإنه يكون اجتهادًا جديدًا للمجتهد في المسألة المدروسة وليس خروجًا عن قول المجتهدين القدامى. وإن من يبطل التلفيق بهذا المعني (الذي هو إحداث قول جديد خارج عن أقول الفقهاء القدامى في مجمله)، إنما يقولون ببطلانه في حال أخذ المكلف باجتهاد الفقيهين اللذين كون رأيه الفقهي بالاختيار منهما ، فكان أن خرج بكلام جديد ليس هو قول الفقيه الأول ولا هو قول الفقيه الثاني فخرج بصورة ليست مرضية عندهما، وإنما هي اجتهاده هو وقد استوفى أدوات الاجتهاد. فبطلان حكم عمله في هذه الحالة بناء على قول الفقيه الأول وقول الفقيه الثاني، أما على قول الفقيه الثالث فعمله صحيح؛ لأنه في هذه الحالة يصدق عليه - أي المكلف - أنه خالف مذهب أحد المجتهدين في جميع ما شرطه ووافق مذهب مجتهد آخر فنحكم بصحة عمله. ومن هذا يعلم أن مسألة التلفيق مبنية على مسألة إحداث قول ثالث إذا انحصر خلاف المجتهدين في عصر في قولين. ففي كل موضع يمتنع فيه إحداث القول الثالث يمتنع فيه جواز أخذ المقلد بالتلفيق في المسألة الواحدة، ويحصل ذلك إذا كان القول الثالث مخالفًا للإجماع، ففي هذه الحالة يمتنع فيه التلفيق، وأيضًا إذا خالفت الصورة المركبة التي قال بها المجتهد الثالث الإجماع، وأما إذا وافق بعض هذه الصورة التي أدى إليها اجتهاد المجتهد الثالث قول مجتهد وخالف بعضها قول مجتهد آخر، فإنه في هذه الحالة يكون قولا معتبرًا ما لم يخرج عن إجماع الأمة. قال الإمام السبكي في الإبهاج: "إنه إذا اختلف أهل العصر في المسألة على قولين: هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث؟ وفيه ثلاثة مذاهب: الأول: المنع مطلقًا وعليه الجمهور. والثاني: الجواز مطلقًا وعليه طائفة من الحنفية والشيعة وأهل الظاهر. والثالث: وهو الحق عند المتأخرين وعليه الإمام واتبعه الآمدي؛ أن الثالث - إن لزم - رفع ما أجمعوا عليه لم يجز أحداثه و إلا جاز. الفرق بين التقليد والتلفيق: التلفيق المقصود هنا هو المعنى الثالث من المعاني المتقدمة، وهو ما كان في المسألة الواحدة بالأخذ بأقوال عدد من الأئمة فيها. أما الأخذ بأقوال الأئمة في مسائل متعددة فليس تلفيقًا وإنما هو تنقل بين المذاهب أو تخير منها. وهو نوع من التقليد الذي أجازه جماهير العلماء وقد سبق بيانه. وينظر التفصيل في مصطلح (تقليد). مثال التلفيق بين المذاهب: ومثاله: متوضئ لمس امرأة أجنبية بلا حائل وخرج منه نجاسة كدم من غير السبيلين، فإن هذا الوضوء باطل باللمس عند الشافعية، وباطل بخروج الدم من غير السبيلين عند الحنفية، ولا ينتقض بخروج تلك النجاسة من غير السبيلين عند الشافعية، ولا ينتقض أيضًا باللمس عند الحنفية، فإذا صلى بهذا الوضوء، فإن صحة صلاته ملفقة من المذهبين معًا. التلفيق مرفوض إذا خالف الإجماع: وأما إذا كان التلفيق خارقًا للإجماع بأن كانت الحقيقة المركبة يقول ببطلانها جميع المجتهدين، ولا يمكن لمجتهد آخر على فرض وجوده أن يقول بها كحرمان الجد من الميراث بالكلية، فالتلفيق باطل بالإجماع.كما أن إحداث قول بحرمان الجد بالكلية باطل بالإجماع. وإنما لم يعد القول الملفق من قولين للفقهاء أو أقوال مجتمعة معارضًا للإجماع لكونه حاصلاً في الأمة لو كان بجملته لا بتفاصيله، فيصدق على الأمة أنها لم تخلُ منه ولم تجتمع على غيره. وبطلان القول في هذه الحالة إنما هو لكونه خارقًا للإجماع وحجية الإجماع متفق عليها عند عموم الفقهاء. مكان التلفيق في الفتوى: التلفيق أداة ووسيلة قد يحتاج المجتهد والفقيه والمفتي إلى اللجوء إليها بشروطها المذكورة، للتخير من المذاهب المتعددة والفقه الإسلامي الوسيع ؛ بغية التيسر على المسلم في تطبيق أحكام الشريعة المطهرة. كما أنه يعتبر وسيلة للاستفادة من الاجتهادات الفقهية المتعددة والتراث الفقهي الكبير الذي ورثته الأمة الإسلامية عبر قرون متعددة ومن ثقافات متنوعة وحضارات مترامية، وفي الوقت ذاته يمثل مفهوم التلفيق فكرة عبقرية لكيفية التعامل مع الواقع المتغير المتشابك بدون خروج عن فهم العلماء السابقين لمعالم المنهج الفقهي عبر عصور الإسلام المختلفة | |
|
| |
| دار الإفتاء المصرية | |
|