* ليست كل بدعة محرمة لأن العلماء قسموا البدعة إلى محرمة ومكروهه ومستحبة وواجبة.
* كل من المنشدون والسامعون مأجورون ومثابون على الإنشاد إن صلحت نياتهم وصفت سرائرهم.
ولم ينكر عليه وكان الصحابة يتمايلون إذا ذكروا وقال بن أبى الدنيا حدثنا عن بن الجعدان عن عمر شمر حدثني إسماعيل السدي سمعت أبا أراكه يقول صليت مع علي صلاة الفجر فلما انفتل عن يمينه قلت كأن عليه كآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح صلى ركعتين ثم قلب يده وقال : والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم شيء يشبههم . لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً قد باتوا لله سجداً وقياماً يتلون كتاب الله يتراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر يوم الريح .
وبذلك يبطل قول من يدعي أن الذكر والتمايل أثناءه بدعة محرمة وحلقات الذكر إنما جعلت ليذكر فيها اسم الله سبحانه وتعالى, أخرج مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامن قوم يقومون من مجلس لايذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة .
واعلم أخي الصوفي أنه لا يجوز الإنكار على ما يحصل للفقراء عند سماع المنشد لكلام المتصوفة والوعظ الصوفي ومدح الرسول الأمين من وجد فإن ذلك سر من أسرار الله تعالى تحركه رياح الأنس من بحار القدس متفرقة في الأعضاء. فما في اليد يكون منه التصفيق وما وقع في الرجل يكون منه التمايل وما وقع في القلب يكون منه البكاء وما يكون في الروح يكون منه الصراخ وما يكون في سويداء القلب يكون منه الغثيان .
وقد ترى الإنسان يكون هادئاً فيضطرب عند السماع فقد قيل إن الله سبحانه وتعالى لما خاطب الأرواح في عالم الذر بألست بربكم؟؟؟ قالوا بلى . استغرقت عذوبة الكلام للأرواح واقرأ قول الحق جل في علاه "الذين تلين قلوبهم وجلودهم لذكر الله وما نزل من الحق " .
الذكر بألفاظ (هو) ، (آه) ، (سبحانك) ( هاها)
لقد وقع في جمهورية مصر العربية المحروسة سؤال من بعض المشايخ الصوفية سنة 1105هـ.
هو ما عليه السادة الدمرداشية ومن حذا حذوهم كالخلوتية والشناوية من ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلقة المسماة بالهوية ودورانهم مشتغلين بقولهم ( هو . هو . هو) .. قاصدين بذلك ذكر الله تعالى فهل ذلك جائز لا اعتراض على فاعليه . والجواب أما كلمة (هو) وذكر الله سبحانه وتعالى بها فقد ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني في رسالة مستقلة في الكلام على ذلك . قال : في تسبيح الملائكة كل منهم أذهلته عظمة الله تعالى من تجليه في الأسماء . فانفعلت ذواتهم في هذه الأسماء فهم ذاكرون من الذهول وذاهلون من الذكر . فذكرهم من حيث الاسم ( أنت. أنت) .. ومن حيث الذهول (هو. هو. هو) ومن حيث العظمة ( آه .آه .آه ) ومن حيث التجلي( ها .ها. ها) .. ومن حيث السر (سبحانك سبحانك ) وقد ذكر الإمام الشافعي رضي الله عنه أن اسم الله الأعظم (هو. هو. هو) .. وقد تواردت عبارات المشايخ المتقدمين على أن لفظة ( هو) من أفضل ذكر رب العالمين . فلا ينادي به غيره من المخلوقين.
فإن زعم المعترض أن فعلهم وذكره لأجل الرياء وصرف وجوه الناس إليهم قلنا أنه لا يطلع على ما في القلوب إلا علام الغيوب. وهلا شققت عن صدورهم لتعلم ما يكنون.
ذكر الله تعالى في المآدب والولائم
الصوفية دائما يعقدون حلقات الذكر وعقبه تكون الموائد أو قبلها ودليلهم على فعلهم هذا ما أخرجه أبو داود والحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة " فلهذا الحديث نجد الصوفية يذكرون الله في المآدب والولائم .
وأما الذكر عقب كل أكل فدليله ما أخرجه الطبراني في الأوسط أن السنة في عمل اليوم والليلة من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها مرفوعاً " أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم "
الإنشاد على حلقة الذكر
ذكر ابن حجر في فتاويه الحديثية : قال إن إنشاد الشعر وسماعه إن كان فيه حث على خير ونهي عن شر أو شوق أو تسامي بأحوال الصالحين والخروج عن النفس ورعونتها وحظوظها والدأب والتحلي بالمراقبة للحق سبحانه وتعالى في كل نفس ثم الانتقال إلى شهوده في كل ذرة من ذرات الوجود والعبادات كما أشار إليه الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم بقوله " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
فكل من الإنشاد والسماع المنشدون والسامعون مأجورون مثابون عليه إن صلحت نياتهم وصفت سرائرهم . والعبرة بالنيات والمقاصد وما اشتملت عليه القلوب وأكننته الضمائر ، فرب سامع لكلام قبيح صرفه إلى الحسن وعكسه فيعامل كل بحسب نيته وقصده .