|
| مقالات فضيلة الامام الاكبر شيخ الجامع الازهر في جريدة الاهرام المصرية.....متجدد | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابن الطيب Admin
عدد الرسائل : 704 العمر : 48 السٌّمعَة : 12 نقاط : 829 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: مقالات فضيلة الامام الاكبر شيخ الجامع الازهر في جريدة الاهرام المصرية.....متجدد الجمعة 11 يونيو 2010 - 17:28 | |
| الأزهر.. وحـــوار الأديــان(1 ـ2) بقلم: د.احمدالطيب شيخ الأزهر الحديث في حوار الأديان وحوار الحضارات, عادة مايكون أقرب إلي أساليب المجاملات منه إلي أساليب حل المشكلات وللوصول إلي أسس قابلة للتطبيق من أجل سلام ينعم به الجميع..
أعتذر سلفا عن المصارحة التي قد لايفضلها البعض في مثل هذا المقام, فيقيني أن المصالحة الحقيقية لابد أن تسبقها مصارحة حقيقية أيضا, وأن تشخيص المرض تشخيصا صحيحا هو نصف العلاج كما يقولون. ولنتفق منذ البداية علي نقطة تمثل ـ من وجهة نظري كمسلم ـ حجر الزاوية في بناء أي تعاون ينتظر من الإسلام والمسلمين هذه النقطة هي: ضرورة إقصاء العقائد الدينية: يهودية كانت أو مسيحية أو إسلامية, إقصاء كليا, من مجال الحوار أو المصالحة أو الإصلاح, وأعني بالعقائد الدينية تلك التي يختلف بها هذا الدين عن ذاك, وتجعل من المؤمنين بها إما: يهودا أو مسيحيين أو مسلمين. هذه العقائد هي دوائر مغلقة علي أصحابها المؤمنين بها, ويجب أن تكون محل احترام متبادل بين الجميع, لكنها أبدا لن تكون محل إيمان أو اعتراف متبادل بين أتباع الأديان, أو تعديل لمصالحة طرف آخر.. فلنتفق أيضا في أن أي حوار في عقيدة بين مؤمن بها يثبتها, ومنكر عليه ينفيها, لابد أن ينقلب في النهاية إلي جدل وصراع ومواجهة بين نقائض لاتثبت لدي مؤمن إلا بقدر ماتنتفي لدي الآخر. والأمر الوحيد المقبول في الحوار ها هنا هو وجوب ان يحترم كل طرف عقيدة الآخر, ويسلمها له, وإن لم يؤمن بها الطرف المقابل, وألا يطلب من المسيحي ـ مثلا ـ أن يعترف بالصفات التي يتصف بها نبي الإسلام كما جاءت في القرآن, أو كما هي عند المسلمين, وفي المقابل لايطلب من المسلم أن يعترف للسيد المسيح عليه السلام بكل الصفات التي يتصف بها في المسيحية, ويؤمن بها المسيحيون. وفي هذا المجال ـ تحديدا ـ ينهي الإسلام أتباعه عن جدال أهل الكتاب جدالا يؤدي إلي التخاصم والتنازع, ويأمر المسلمين إذا اضطروا للدخول في محاورات عقدية مع أهل الكتاب أن يعلنوا إيمانهم بالقواسم المشتركة بين الأديان الثلاثة وفي مقدمتها: الإيمان بالله والكتب السماوية, وعقيدة التوحيد, وإسلام الوجه لله تعالي ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون (سورة العنكبوت: الآية46) ومايقرره القرآن من ضرورة التوقف عن الجدل غير الحسن مع المؤمنين من أهل الكتاب هو فرع عن حقيقة قرآنية أخري تقرر أن اختلاف الناس في العقائد إرادة إلهية لامفر منها في هذا الكون, وأن مشيئة الله قضت أن يتوزع الناس علي عقائد شتي, وأنه لامطمح في جعل العقائد عقيدة واحدة مشتركة, ومن ثم فإن كل حوار يجعل من العقائد عقيدة واحدة جامعة تعرض علي الناس جميعا, فضلا عن كونه وهما يستحيل تحقيقه, فإنه لايستقيم والإرادة الإلهية التي شاءت اختلاف الناس في عقائدهم وأديانهم ولغاتهم وألوانهم وأعراقهم وحضاراتهم, وذلك رغم انتسابهم جميعا في الأصل إلي أب واحد وأم واحدة.. ومن هنا أمر القرآن نبي الإسلام في مواقع كثيرة بغلق باب الجدل مع غير المسلمين من المؤمنين في عقائدهم, بينما فتح له باب الحوار العقلي المنطقي علي مصاريعه مع غير المؤمنين من الكفار والوثنيين والملحدين, وهذا مانفهمه من مواضع عدة في القرآن مثل: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين( هود:118) ولو شاء الله لجمعهم علي الهدي( الأنعام:35) لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلي الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون( المائدة:48) لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه( الحج:67) وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون(68) الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون(69)( الحج:69,68) قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلي هدي أو في ضلال مبين(24) قل لاتسألون عما أجرمنا ولانسأل عما تعملون(25) قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم( سبأ:24 ـ26) من هذا المنطلق أجدني متحفظا علي دعوة أصحاب الديانات الثلاث لعرض قضاياهم المذهبية والثقافية الخاصة بهم لتكون موضع بحث لدي الهيئات الدولية.. وأن تفهم كل مسألة من العقائد الدينية في سياق ارتباطها بالآخر. وإذا كان مافهمته من هذه الدعوة صحيحا فإني أتساءل: ماذا يتبقي من مقومات الأديان إذا استجبنا ـ مسلمين ومسيحيين ويهودا ـ إلي دعوة كهذه, وأصبحت عقيدة كل منا متصالحة بنصوصها ومدلولاتها مع عقيدة الآخر التي تقول شيئا مغايرا, وربما مناقضا أحيانا؟ بل لست أدري كيف يمكن ـ منطقيا ـ ارتباط النقيض بنقيضه أو فهم كل منهما في سياق الآخر؟ إن من المعلوم أن عقائدنا في السيد المسيح ـ عليه السلام ـ تتقاطع ولا تلتقي علي تصور واحد مشترك يجمع بينها, وقد ظلت هذه العقيدة منذ فجر المسيحية وحتي الآن نهبا لتصورات شتي, ولايمكن إثبات أحدها إلا مع انتفاء الآخر وزواله.. وكذلك العقيدة في محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ظلت وستظل مورد خلاف عند الناس بين تجريد من النبوة أو إثباتها له كغيره من سائر الأنبياء والمرسلين, أو تكذيبه في كل مايقوله جملة وتفصيلا. والباحث المنصف في مسألة اختلاف العقائد والأديان يدرك قيمة التوجيه القرآني في هذا الموضوع, وهو الالتزام باحترام عقائد الآخرين والبعد عن مجادلتهم فيها, كما يدرك خطر الحلول التي تشجع علي تمدد عقيدة واحدة يري فيها أصحابها خلاصا للبشرية كلها ويتسلطون بها علي الناس بقوة السلاح أو قوة الإغراء, أو استغلال عوز الفقراء وحاجتهم إلي المال والغذاء والدواء. فكل هذه سبل مرفوضة في شريعة الإسلام, لأنها تتعامل بمنطق المصلحة والغرض وضرورات الجسد في موضع التعامل بالعقل والإرادة الحرة وضرورات المسئولية والضمير. واستنادا لما سبق أري ضرورة إرساء مبدأ أن يحترم كل منا عقيدة الآخر, وألا يطلب من المؤمنين تعديل عقائدهم ليوائموا بها عقائد الآخرين وأن تجرم كل الضغوط التي تمارس لتحويل الناس عن عقائدهم وأديانهم.
| |
| | | ابن الطيب Admin
عدد الرسائل : 704 العمر : 48 السٌّمعَة : 12 نقاط : 829 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: الأزهر.. وحـــوار الأديــان(2 ـ2) الجمعة 11 يونيو 2010 - 17:32 | |
| الأزهر.. وحـــوار الأديــان(2 ـ2) بقلم: د.احمدالطيب إن الأزهر, بما له من منزلة كبري ومرجعية علمية متفردة في عقول المسلمين وقلوبهم, يرحب بالتعاون بين قادة الدين المسيحي وعلماء الإسلام, لمساندة الجهود السياسية والدبلوماسية في إرساء السلام والتصالح..
ورؤية الأزهر في هذا الأمر المهم تستند الي ضرورة إرساء السلام بين قادة الأديان أولا قبل أن يطالبوا غيرهم به, لأن فاقد الشيء لايمكن أن يعطيه لغيره, كما هو معلوم, ولأنه لايتصور أن يعجز علماء الأديان عن صنع السلام فيما بينهم, ثم يزعمون أنهم يصنعونه بين الناس, وقد نبه شيخ الأزهر الشيخ مصطفي المراغي ـ رحمه الله ـ الي ضرورة هذه الخطوة في كلمته التي بعث بها الي مؤتمر الأديان الأول الذي عقد في لندن سنة1936 م, بعنوان: الزمالة العالمية, وتحدث فيها عن تراجع القيم الدينية أمام قيم الحياة المادية, وكيف أن هذا التراجع كان وسيظل من أقوي أسباب الصراع العالمي, وأن التقدم العلمي والفلسفي كلاهما غير قادر علي التغلب علي أسباب هذا الصراع. وقد لوحظ أن الحروب تزداد هولا ووحشية كلما ازداد العلم قوة وتقدما. وانتهي الشيخ في ذلكم الوقت الي أن البداية الصحيحة لتطويق الصراعات العالمية هي بعث الزمالة الدينية ـ أولا ـ بين زملاء الأديان أنفسهم, لأنهم أولي الناس بأن يفهموا أن الخطر الذي يداهم الإنسانية لايجييء من أديان المخالفين وإنما يجييء من الإلحاد ومن الفلسفات التي تقدس المادة وتعبدها, وتستهين بتعاليم الأديان وتعدها هزوا ولعبا. ويقترح الأزهر الآن ما اقترحه شيخه الجليل في ثلاثينيات القرن الماضي من ضرورة تكوين هيئتين, أو هيئة واحدة ذات شعبتين: ـ إحداهما, تعمل علي تنقية الشعور الديني من الضغائن والأحقاد, وذلك بتوجيه أنشطة المؤسسات الدينية المختلفة صوب هذا الهدف النبيل, بدلا من توجيهه صوب الصراع بين الأديان والمتدينين. وطريق ذلك جمع المعاني الإنسانية السامية ـ العامة ـ في كل دين, من الرفق بالبشر وتكريمهم والبر بهم دون نظر الي الفوارق التي تفرق بينهم, وإذاعة ذلك بمختلف الوسائل في مختلف اللغات, وأن يعتمد في نشر هذه المعاني المشتركة بين الأديان علي أساس عقلي محض, وحب للحقيقة, مع تجنب الاعتماد علي وسائل غير بريئة في توجيه الاعتقاد أو الإغراء به. أما الهيئة/ الشعبة الثانية: فمهمتها تقوية الشعور الديني لدي الطبقات المستنيرة, حتي يمكن تدعيم مراكز التدين أمام البحث العلمي والتفكير الحر, تدعيما يتأيد بمقابلة الدليل, والبعد عن استعمال السلطة الدينية المستبدة. حتي لاتتكرر الأخطاء الماضية التي دفعت الإنسانية ثمنها باهظا ومرهقا. ويعجب الشيخ من قدرة أصحاب المذاهب الاجتماعية والفلسفية ودعاة الفكر المادي علي توجيه التشريعات المحلية والعالمية نحو تأييد مبادئهم وقواعد أنظارهم, وعجز رجال الدين وعلمائه عن توجيه هذه التشريعات نحو الأصول العامة المشتركة في الأديان.. ويدعو هؤلاء الي تحمل مسئولياتهم في هذا التوجيه حتي يمكن محاصرة الأمراض والأوبئة الخلقية الحديثة, وغيرها مما جاءت الأديان لاستئصال شرورهم وتطهير الإنسانية من أدناسه. أما حديث الإرهاب وعلاقته بالأديان, فإنه رغم انتشاره في الاعلام العالمي بكل مستوياته لايزال حديثا غامضا وغير محدد, وكثيرا ما اتخذ غطاء لتمرير جرائم كبري لن يغفرها التاريخ لهولها وشناعتها, ونحن لم نصل ـ حتي الآن ـ الي تعريف جامع ومانع لمعني الإرهاب, وما أظن أننا سنصل الي هذا المفهوم المحدد ما ظلت السياسات العالمية تعمل بمبدأ الكيل بألف مكيال. فمع هذا المبدأ لايمكن أن نعرف الفرق بين المجرم المعتدي وصاحب الحق الذي يدافع عن نفسه ولا الفرق بين الظالم والمظلوم.. ونحن كمسلمين لانستحسن السؤال عن العلاقة بين الدين والإرهاب, لأن إيماننا راسخ بأن الإيمان بالأديان الإلهية والإرهاب نقيضان لايجتمعان في قلب مؤمن بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر, وقد رفض المسلمون قاطبة تفجيرات11 سبتمبر2001 م وما تلاها من تفجيرات في لندن وباريس ومدريد والقاهرة والرباط, وأظهروا للعالم أجمع اشمئزازهم من هذه الجرائم البشعة, وبرغم ذلك ظلت لعنة الإرهاب تطارد الإسلام وحده من بين سائر الأديان والملل, وتلتصق بالمسلمين وحدهم من بين سائر أهل الأديان, مما يدل علي نية مبيتة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين في عيون الغربيين, مع غفلة عن الآثار السلبية في نفوس المسلمين, وتساؤلهم عن مدي جدية العقلية الغربية في فهم الإسلام فهما صحيحا بعيدا عن نوازع العصبية والهوي والتضليل.. ونحن نعتقد أن ظاهرة الإرهاب لايمكن أن تعالج في غيبة من أسبابها وبواعثها, والتي تتلخص في الظلم الذي تمارسه القوي الكبري, والكيل بمكيالين وبأكثر من مكيالين, دع عنك التدخل في شئون الآخرين وثقافاتهم ومقدساتهم. ومن السذاجة بمكان توقع مباركة الآخرين لهذه الاعتداءات.. وليس هذا دفاعا أو تشجيعا للإرهاب كما ـ يحلو لبعض الغربيين, الذين يخلطون ـ عن عمد ـ بين المطالبة ببحث أسباب الإرهاب, والرضا به أو إغضاء الطرف عنه, ويعتبون علي من يبحث في أسباب هذه الظاهرة ويتهمونه بتشجيعها, وكان المسموح به هو البحث عن النتائج بعد قطعها وبترها عن مقدماتها التي أنتجتها. إن الأزهر يمد يده لأي يد تسعي لتحقيق سلام عادل لايفرق بين الناس, وبخاصة حين تكون هذه اليد من ذوي القربي في الدين والإيمان بالله, ولايشك الأزهر في أن وحدته مع قادة الأديان المخلصين, أصحاب الروحانية الصادقة, والقلوب الصافية سوف تسفر ـ بعون الله تعالي ـ عن نتائج قيمة في تصحيح مسار البشرية الذي انحرف بعيدا عن طريق السعادة الحقيقية. إننا نؤكد أن هذه المصارحة إنما تنبع من قلوب مفتوحة تسعي للتعاون ـ ولأبعد مدي ممكن ـ من أجل تحقيق الإنصاف والأمن والسلام والرخاء, للمظلومين والمحرومين والمروعين, والفقراء والبائسين واليتامي والأرامل. ونؤكد أيضا أن الأزهر الشريف يستجيب لكل دعوة جادة تهتم بنشر السلام العالمي المؤسسة علي العدل, واحترام حقوق الإنسان, والمساواة بين الناس, كما يؤمن بأن الأغراض الإنسانية حين تتبناها مؤتمرات حوار الأديان فإنها تصبح من أهم مقاصد الاسلام وغاياته القصوي.
| |
| | | ابن الطيب Admin
عدد الرسائل : 704 العمر : 48 السٌّمعَة : 12 نقاط : 829 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: الإمام أبوالحسن الأشعري ـ ومنهج الوسطية(1 ـ2) الجمعة 11 يونيو 2010 - 17:35 | |
| الإمام أبوالحسن الأشعري ـ ومنهج الوسطية(1 ـ2) بقلم: د.احمدالطيب شيخ الأزهر قد يسألني البعض من السادة غير المتخصصين في علوم العقيدة, أو علم الكلام, عن جدوي الحديث عن الإمام أبي الحسن الأشعري, رغم أن هذا الإمام قد توفي سنة330 هـ( تقريبا)
أي منذ مائة وألف عام مضين من عمر التاريخ؟ ثم ما الفائدة التي يجنيها المسلمون في محنتهم هذه من مثل هذا الحديث, وهل يرجون منه ما ترجو أمة تمزق شملها وانتقض غزلها أنكاثا, ولاذت بركن قصي معزول عن رهانات عصرها وتحدياته, بعد أن كانت ملء سمع الدنيا وبصرها. وبعد أن كان العالم كله يحسب لها ألف حساب؟! إن الإجابة عن مثل هذه الاسئلة المشروعة تختصر رسالة الأزهر الشريف ورسالة العلماء الأفاضل ورؤيتهم في تحديد العلة.. يذكرنا واقع الأمة الآن بواقعها أيام الإمام أبي الحسن الأشعري, وبحاجة الي منهج, كمنهجه الذي أنقذ به ثقافة المسلمين وحضارتها قديما, مما كان يتربص بها من مذاهب مغلقة تدير ظهرها للعقل وضوابطه, وأخري تتعبد بالعقل وتحكمه في كل شاردة وواردة, حتي فيما يتجاوز حدوده وأدواته, وثالثة تحكم الهوي والسياسة والمنفعة, وتخرج من كل ذلك بعقائد مشوهة تحاكم بها الناس وتقاتلهم عليه. في مثل هذا الجو المضطرب, ولد الإمام علي بن اسماعيل الأشعري في البصرة سنة260 هـ وتوفي في بغداد سنة330 هـ تقريبا(935 م) وعاش سبعين عاما بين فرق ومذاهب وتيارات متصارعة ومتنافرة أشد التنافر. إلا أن مذهبين كان لهما دور حاسم في ظهور مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري كإمام لوسطية أهل السنة والجماعة في تلكم الفترة الحرجة.. هذان المذهبان هما: مذهب المعتزلة ومذهب الحنابلة الذي وقف منه موقف النقيض. واسمحوا لي ـ بأن أطرح في كلمة موجزة تذكيرا تاريخيا بهذين المذهبين. أما المعتزلة فقد كانوا يعولون في مذهبهم علي العقل وأحكامه, غير أن إفراطهم في التمسك بالمنهج العقلي الصارم انتهي بهم, من حيث يريدون أو لا يريدون, الي القول بمقالات جارحة لمشاعر كثير من أهل الورع والتقوي من علماء المسلمين.. من هذه المقالات: قولهم بالوجوب علي الله تعالي, حيث قالوا: يجب علي الله ـ تعالي ـ أن يثيب الطائعين يوم القيامة, كما يجب عليه أن يعذب العاصين, ولازم ذلك إنكار الشفاعة, لأنها تصدم ـ عقلا ـ مبدأ وجوب الثواب والعقاب, ومنها: موقفهم من مرتكب الكبيرة من المسلمين حيث قالوا: إنه ليس بمسلم لانهدام ركن العمل, وليس بكافر لنطقه بالشهادتين, بل هو في منزلة بين المنزلتين. غير أن المقولة التي عاني منها المجتمع معاناة بالغة, وعذب كثيرون من أجلها عذابا أليما بالضرب أو السجن, هي قولهم: إن القرآن مخلوق, شأنه في ذلك شأن باقي المخلوقات, ثم إنكارهم أن يتصف الله بصفة الكلام قبل أن يخلق الإنسان المخاطب بهذا الكلام المحدث, ومع هذه المقالة تبقي الآيات القرآنية في هذه القضية وكأنها معطلة المعني, وكان يمكن لهذه المقالات أن تبقي وقفا علي الدرس والعلم والبحث, وأن يظل الجدل حولها حبيس قاعات العلم, لولا أن الدولة في ذلكم الوقت تبنت مذهب الاعتزال وفرضته علي الناس فرضا, وهذه هي المشكلة القديمة المتجددة, وأعني بها أن تتبني الدولة وسلطاتها أحد المذاهب الخلافية, وتعمل علي نشر وإقصاء ماسواه من المذاهب الاسلامية المشروعة التي تتسع لها نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة. ويحدثنا التاريخ القديم والحديث أن الأمة هي التي كانت ـ دائما ـ تدفع الثمن غاليا لهذا الترف العقلي لنخبة من العلماء والدعاة يعيشون في القصور, وفي الغرفات المريحة, ويحتمون بأصحاب الجاه والمال والسلطان.. وهذا ماحدث في هذه الفترة من فترات الدولة العباسية, حيث تبني الخليفة المأمون هذا المذهب, وقرب إليه علماء الاعتزال, وبدأ في حمل الناس علي القول بأن القرآن مخلوق, وكتب للولاة رسائل يأمرهم فيها بألا يعينوا القضاة ولا يقبلوا الشهود إذا كانوا لايؤمنون بهذه المقولة. وأن يرسلوا الي بغداد العلماء والمحدثين الذين يرفضون مذهب الاعتزال لحملهم علي هذا المذهب, أو تعذيبهم وسجنهم, وكثير من العلماء الذين صمدوا قتلوا أو ماتوا في سجون المأمون والمعتصم.. وقد استدعي الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وضرب بالسياط حتي سال منه الدم, لأنه لم يقل بأن القرآن مخلوق, ومن حسن الحظ أن المعتصم لم يقتله فيمن قتلهم من الممتنعين عن القول بخلق القرآن, وكان ذلك سنة220 هـ. وقد استمرت هذه الفتنة أو المحنة, حتي جاء المتوكل فقلب للمعتزلة ظهر المجن, وأصدر أوامره بمطاردة مذهبهم ومعاقبة من يري رأيهم, بل صدرت الأوامر لوالي مصر أن يمثل بقاضي قضاتها الذي سبق له أن عذب الرافضين لمذهب المعتزلة أيام المعتصم والواثق, وأمر بضربه بعد ذلك, وكان من المنطقي أن يتصدر الساحة بعدئذ المذهب المقابل لمذهب المعتزلة وهو المذهب الحنبلي الذي يقرر أن القرآن قديم في معانيه وألفاظه وحروفه, وكما تسلط المعتزلة علي الناس, تسلط الحنابلة عليهم بقضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وقد أدي هذا المنهج المتشدد والذي لا يعول كثيرا علي قواطع العقل أدي بهذا الاتجاه الي الغلو والتجسيم الي الدرجة التي ينفر منها شعور المؤمن المنزه لله تعالي.
| |
| | | ابن الطيب Admin
عدد الرسائل : 704 العمر : 48 السٌّمعَة : 12 نقاط : 829 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: الإمام أبوالحسن الأشعري ـ ومنهج الوسطية(2 ـ2) الجمعة 11 يونيو 2010 - 17:38 | |
| الإمام أبوالحسن الأشعري ـ ومنهج الوسطية(2 ـ2) بقلم: د.احمدالطيب في جو مضطرب ومتناقص فكريا وعقديا والذي مثل كل من المعتزلة والحنابلة الغلاة طرفي النقيض فيه, ولد الأشعري الذي درس الاعتزال وأصبح أحد الأعمدة الكبري في مدرسة المعتزلة.
ثم ألمت به أزمة فكرية حادة من تلك التي تصيب النخبة العليا من أهل النظر والاجتهاد حين يتبدي لهم وجه الحق والصواب. وأغلب الظن أن اضطراب الفرق الاسلامية من حول الأشعري وتطاحنها ونزولها بهذه المعارك إلي العامة, هو ما دفع به إلي هذه العزلة بحثا عن الاسلام الصحيح الذي جمع به النبي صلي الله عليه وسلم بين أشد القبائل والبطون والعشائر تنافرا واقتتالا, وما لبث الأشعري أن أعلن علي الناس رجوعه عن هذا المذهب, وعزمه علي تأسيس مذهب أهل الحق الذي نسب إليه لاحقا. هذا ولم يكن الأشعري أستاذا في علوم العقيدة فقط, بل كان مؤرخا من الطراز الأول للعقائد ولمقالات الاسلاميين. وقد مكنه هذا التخصص من أن يضع يده علي مواطن الضعف والقوة في كل فرقة من الفرق التي ضمها مؤلفه الجامع المسمي مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ولعلكم تلمحون معي من عنوان هذا المرجع الكبير نزعة التصالح والسماحة وكراهة الشقاق حول أمور تسع الجميع, فهذه المقالات مقالات إسلامية, وهذه الاختلافات اختلافات مؤمنين يصلون إلي قبلة واحدة. ونزعة التصالح هذه هي الخصيصة الكبري التي اتسم بها مذهب الامام الأشعري الذي لا يكفر أحدا من المسلمين, يشهد لذلك نقده العلمي اللاذع لمذهب المعتزلة ولغلاة الحنابلة دون أن يكفر أحدا منهم وقد اكتفي بنقده لغلاة الحنابلة ببيان خضوعهم لأحكام الوهم وتمردهم علي أحكام العقل, ومن هنا ثقل عليهم النظر علي حد تعبيره. وقد بين الامام في صراحة أن كلا من المذهبين السابقين لا يعبر عن الاسلام تعبيرا كاملا, وأن أيا منهما لم يلق قبولا عند جماهير المسلمين.. وذلك علي عكس المذهب الذي استخلصه الامام الأشعري ومعاصره: إمام الهدي أبو منصور الماتريدي في بلاد ما وراء النهر, وشكلا معا جناحي أهل السنة والجماعة. ولايمكن بطبيعة الحال أن نذكر ـ ولو علي سبيل الاجمال ـ تفاصيل المذهب الأشعري, ولا نقاط الضعف التي كشفها في مقولات المعتزلة والحنابلة, وما الخصائص التي تميز بها مذهب أهل السنة والجماعة وأهلته لأن يسود الأمة الاسلامية شرقا وغربا إلي يوم الناس هذا. فهذا له موضع آخر اكثر تفصيلا غير أنه إذا كان للأزهر من آمال يرجوها للمسلمين فإنها تتمثل في أمور: أولا: نشر التراث الوسطي وإذاعته بين الناس لتقف به الأمة في وجه نزعات التكفير والتفسيق والتبديع, في خلافيات تسع الناس جميعا, وذلك حتي نتمكن من وقف هذه التداعيات التي توشك أن تقضي علي وحدة الأمة وقوتها.. والمذهب الأشعري هو الأجدر بهذا الدور, لأنه المذهب الذي يروي ابن عساكر عن إمامه الأشعري أنه حين قرب حضور أجله في بغداد قال لأحد تلامذته: اشهد علي أني لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة, لأن الكل يشيرون إلي معبود واحد, وإنما هذا كله اختلاف العبارات ثانيا: إحترام التوازن في الجمع بين العقل والنقل, وإنهاء الخصومة المصطنعة بينهما والتي تسيطر الآن علي بعض الأفهام. وهذا ما نجده بوضوح في تراث الإمام الأشعري وبخاصة في رسالته المعروفة بالحث علي البحث ـ في عنوان آخر ـ استحسان الخوض في علم الكلام. ولعل هذا ـ هو السر في احتضان الأزهر هذا المذهب منذ القدم وتعويله عليه في مختلف العلوم الاسلامية: في العقائد والتفسير والحديث وأصول الفقه وعلوم اللغة, وطبعه بطابع الوسطية والاعتدال, وتمكن هذا المعهد العريق من قيادة الأمة في طريق وسط بعيد عن التطرف وعن التميع معا. الأمر الثالث: إصلاح همم الأولويات المقلوب رأسا علي عقب, وإعادته إلي وضعه الصحيح, وذلك بالتركيز علي جوهر الدين, وعلي المتفق عليه بين المسلمين, ثم علي المشترك بين المسلمين وغير المسلمين من المؤمنين بالأديان الأخري, وأن نحتكم في ذلك إلي قوله تعالي: لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا علي إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فاؤلئك هم الظالمون إن الأزهر بما له من تاريخ عريق في الحفاظ علي الاسلام والدفاع عنه, يعلن للناس جميعا أن من أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من السياق العام لفكر الامام الأشعري ضرورة العمل علي نشر الأمن والسلام بين الناس جميعا, ونبذ جميع صور العنف التي تروع الأبرياء والآمنين, ورفض ما يرتكبه بعض المنتسبين إلي الاسلام من جرائم التفجير والتدمير والترويع, وقتل النفوس البريئة العاملة, وفي الوقت نفسه يطالب الأزهر دول أوروبا وأمريكا أن تحث صناع القرار هناك علي ضرورة توخي العدل في سياساتهم, وأن يتوقفوا عن سياسة الكيل بمكالين في قضايا الأمة العربية والاسلامية, وأن يتحلوا بالجدية والمسئولية والانصاف وهم يتعاملون مع قضية القضايا في تاريخنا المعاصر وأعني بها قضية شعب فلسطين المشرد والمعذب والمظلوم, وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
| |
| | | ابن الطيب Admin
عدد الرسائل : 704 العمر : 48 السٌّمعَة : 12 نقاط : 829 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: الخلاف المذهبي والصراع الموهوم(1 ـ2) الجمعة 11 يونيو 2010 - 17:42 | |
| الخلاف المذهبي والصراع الموهوم(1 ـ2) بقلم: د.احمدالطيب شيخ الأزهر لعل النظر المتأني في بحث الخلفيات الكامنة وراء الصراعات المذهبية بين المسلمين, يثبت أن لها أسبابا خارجية وداخلية, وأن الأسباب الخارجية أهون شأنا من تلك التي يصنعها المسلمون فيما بينهم عن وعي, أو عن غير وعي.
ويجب أن نعترف بأن الرابضين هناك من وراء البحار نجحوا في تحقيق ما نذروا له أنفسهم من خدمة عقائدهم وشعوبهم. ولعلنا لا نبالغ لو استنبطنا في ضوء الواقع الذي نعيش فيه, أن الغرب يمارس علي الإسلام والمسلمين نوعا من التسلط يخدم أهدافه ومطامعه في المنطقة, وما مشروع الشرق الأوسط الجديد بخاف ولا ملتبس علي من يحمل هموم هذه الأمة وآلامها وآمالها, ومعلوم أنه مشروع تجزئة وتفتيت وتقطيع أوصال, وأن رأس الحربة فيه هو إذكاء الفتنة كلما أمكن, وبعثها حيثما وجدت, وكيفما كانت: طائفية أو مذهبية أو عرقية أو دينية, بين المسلمين أنفسهم, والمسلمين وغيرهم من أبناء الأديان الأخري, وإذا كان الاستعمار الغربي قد نجح في القرنين الماضيين في ضرب وحدة الأمة, واستطاع أن يقسمها إلي أقطار ودول, فإنه اليوم يعيد السياسة نفسها, ومازال مبدؤه الاستعماري فرق تسد هو خطته الجهنمية التي تعمل عملها الآن في بلاد العرب والمسلمين تحت مسميات عدة, ومازالت الأمة, للأسف الشديد, تبتلع الطعم نفسه, وما أظنني بحاجة إلي تقديم الحجج والبراهين, فالعراق الجريح وأضرابه لا يتماري اثنان في أنه طعم ابتلعته الأمة بعلمائها قبل مسئوليها, وإذن فهاهنا فتنة تبعثها الحروب المذهبية التي تطل برأسها القبيح في هذه الآونة, وتشعل العنف بين الشيعة والسنة والوهابية والصوفية والسلفية وغيرها, وهي حروب يذكيها صراع موهوم لا مبرر له, ولو أننا استعرضنا أصول الشيعة وأصول أهل السنة في ضوء قواعد الإيمان والإسلام فهل نجد علي مستوي العقل أو النقل مبررا واحدا لهذه الدماء البريئة المظلومة التي سالت أنهارا من الفريقين؟! هل القول بالنص علي إمامة علي كرم الله وجهه, أو القول بعصمة الإمام, أو انحصار الأئمة في عدد معين من آل البيت يخرج من الإسلام؟ أو يرقي إلي أن يكون فيصلا للتفرقة يخرج أو يدخل في الإسلام؟ وهل المذهب الذي يري أن الخلافة شوري بين المسلمين, وأن الأنبياء والمرسلين هم وحدهم المعصومون من الخطأ يبرر محاربة القائلين بهذا المذهب, وذبحهم والتمثيل بأجسادهم؟ هل ذهاب السنة أو الشيعة لزيارة آل البيت والأولياء والصالحين, والتوسل بهم يجعل دماءهم حلالا وقتلهم واجبا علي من ينكر التوسل, وزيارة القبور؟ وهب أن الذي يفعله الصوفي أمر يشوش علي العقيدة؟ أليس الواجب دينا وشرعا علي من ينكر ذلك أن يبذل الجهد في تعليمهم وإرشادهم؟ ولماذا تنفق الملايين في حملات التكفير والتفسيق والتبديع وتقسيم الأمة, وزرع السخائم والأحقاد في القلوب, ولا ينفق درهم واحد في سبيل توعيتها ووحدتها ولم شملها في إطار الأخوة الإسلامية التي حث عليها القرآن الكريم؟ في اعتقادي أن هذا الحوار العنيف الذي نشهده الآن بين أكبر طائفتين من طوائف الأمة الإسلامية, الذي سرعان ما تحول إلي مواجهة دامية محزنة مبعثه في المقام الأول تضخيم الخلافات المذهبية أولا, وتصويرها علي أنها الحق الذي لا مرد له, وأن مخالفتها فسوق وابتداع إن لم يكن كفرا وخروجا من الملة, ولو أن هذه الخلافيات درسها الشيوخ أو المعنيون بها لتلاميذهم دراسة علمية فقهية صحيحة, لا يحثهم علي ذلك إلا وجه الله, ووجه العلم والحق, لكان خيرا لهم وللمسلمين, وإنني لا أزال أذكر كيف كانت دراساتنا في الأزهر منذ نعومة أظفارنا دراسة تقوم علي التعددية والخلاف والرأي والآراء الأخري, وبخاصة في الفقه وفي علم الكلام حيث الاختلافات الحادة بين الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية والشيعة والسلف والخلف والصوفية, ولم يحدث أن تحولت هذه الخلافيات يوما إلي مواجهات عنيفة بين الطلاب. ومما يؤسف له أن الحدود الفاصلة بين الكفر والإيمان قد تداخلت كثيرا في أمر هذه الخلافيات, وأصبح من المألوف لدي البعض من أتباع هذا المذهب أو ذاك أن ينفي غيره ويستبيح لنفسه ألا يسلم عليه إذا لقيه في الطريق, وزاد من تفاقم الخطر أن هذه الخلافيات لم تعد مقصورة علي قاعات العلم والدرس كما كانت قبل ذلك, وإنما نزل بها دعاتها ليسوقوها في الشوارع والمساجد والدروس في المدن الجامعية وفي البيوت, ولنتصور مدي خطر الحديث عن هذه الخلافيات بين الدهماء والبسطاء والشباب الثائر المندفع بطبيعته, وقد صاحبت ذلك أشرطة وكتيبات, وفي السنوات القليلة الأخيرة انتقلت هذه المعارك إلي الفضائيات وشاهدنا علي شاشاتها الحروب الجدلية الطاحنة بين السنة والشيعة مرة, والسلفية والصوفية مرة أخري, والوهابية وغيرها مرة ثالثة, واستنكر الناس ما سمعوا ولم يصدقوا أعينهم هم يرون العلماء من الفريقين يتقاذفون بينهم القول بتحريف القرآن الكريم, وتكفير ما سموه القبوريين وغير ذلك من الدعوات التي ما أشك لحظة في أنها تبعث بين الحين والحين لتحقيق أغراض سياسية ولا تجني الأمة من ورائها نفعا ولا فائدة غير المزيد من الانقسام والتشرذم, وقد أعلن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف استنكاره الرسمي لهذا الجدل الدائر علي شاشات الفضائيات. ولقد قارنت بين علاقة السنة والشيعة أيام الإمام شرف الدين الموسوي صاحب المرجعيات, والشيخ سليم البشري, والشيخ شلتوت, وهذه الأيام التي نعيشها الآن, وبدا لي أن دعوة التقريب التي بدأت في مصر وبمباركة الأزهر وشيوخه, وانطلاقا من وسطية الأزهر واعتداله, كانت تصب دائما في مصلحة إخواننا الشيعة, ولا يفيد منها أهل السنة شيئا يذكر في مجال التقريب, وأكتفي في التدليل علي هذه الدعوي بالرجوع إلي المراجعة الرابعة في مراجعات الإمام عبدالحسين الموسوي التي يخاطب فيها شيخ الأزهر آنذاك الشيخ سليم البشري بقوله: نعم يلم الشعث وينتظم عقد الاجتماع بتحريركم مذهب أهل البيت, واعتباركم إياه كأحد مذاهبكم, حتي يكون نظر كل من الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية إلي شيعة آل محمد صلي الله عليه وسلم كنظر بعضهم إلي بعض, وبهذا يجتمع شمل المسلمين, وينتظم عقد اجتماعهم.
| |
| | | ابن الطيب Admin
عدد الرسائل : 704 العمر : 48 السٌّمعَة : 12 نقاط : 829 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: الخلاف المذهبي والصراع الموهوم(2 ـ2) الجمعة 11 يونيو 2010 - 17:45 | |
| الخلاف المذهبي والصراع الموهوم(2 ـ2) بقلم: د.احمدالطيب الاختلاف بين مذاهب أهل السنة لايقل عن الاختلاف بينها وبين مذهب الشيعة, تشهد بذلك الألوف المؤلفة في فروع الطائفتين وأصولهما, فلماذا ندد المنددون منكم بالشيعة في مخالفتهم لأهل السنة.
ولم ينددوا بأهل السنة في مخالفتهم للشيعة؟ بل في مخالفة بعضهم لبعض, فإذا جاز أن تكون المذاهب أربعة, فلماذا لايجوز أن تكون خمسة؟ وكيف يمكن أن تكون الأربعة موافقة لاجتماع المسلمين, فإذا زادت مذهبا خامسا تمزق الاجتماع, وتفرق المسلمون طرائق قددا. وهذا النص يعكس نوعا من الأدب الرفيع في حوار العلماء والاحترام المتبادل بين الفريقين, ويصور أن منتهي آمال الشيعة في التقريب في ذلك الوقت أن يعد المذهب الإمامي مذهبا خامسا علي قدم المساواة مع المذاهب السنية الأربعة في مصر وفي الأزهر الشريف, وقد تم ذلك بالفعل علي يد الشيخ شلتوت شيخ الأزهر في فتواه الشهيرة, كما طبعت وزارة الأوقاف المصرية كتاب: المختصر النافع في الفقه الإمامي, ولازال المذهب الإمامي يدرس ضمن مادة الفقه المقارن في كلية الشريعة في جامعة الأزهر إلي يومنا هذا, ولو رحنا نبحث عما أفاد السنة من دعوة التقريب فإننا لانجده فيما أعتقد شيئا يوازي مافعله الأزهر وشيوخه, وعلماء أهل السنة ـ والذي وجده أهل السنة في الأعوام الأخيرة شيئا يشبه حركات التبشير بالثقافة الشيعية في الساحة السنية حتي في بلد الأزهر, وبالأسلوب ذاته الذي ألمحنا إليه حيث انتشرت الكتيبات التي تحمل الدعوات السافرة إلي ترك المذهب السني والتمذهب بمذهب الشيعة, بأقلام مصرية وغير مصرية, وبعض هذه الأقلام يبدأ أحد الكراريس العقدية بعد البسملة بقوله والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين, ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين, ويري أن محور وحدة الأمة هو حديث الثقلين, وأن الطريق لهذه الوحدة هو القول بعقيدة الإمامة, ولكم أن تقارنوا بين ما كتبه الإمام شرف الدين ومايكتب الآن ويروج بجوار الأزهر الشريف في طباعة أنيقة توزع مجانا أو بسعر رمزي. إن مابين أيدينا من وثائق وكتابات يروج لها دعاة التشيع الجدد لايمكن أن يكون دعوة للتقارب بين المذاهب, ولاتقريبا بين المتمذهبين, بل هو إقصاء للمذهب السني, وقذف لأئمة الحديث عندهم وجرأة غير مسبوقة في الإساءة إلي رموزهم, وهو في عبارة موجزة طرح للمذهب الشيعي الإمامي باعتباره مذهب الأمة الوحيد وكل ما عداه هو خروج وابتعاد, وهنا تصبح لقاءات التقريب مضيعة للوقت والجهد والمال. لقد كتب بعض المتشيعين الجدد يقول من هنا كانت رؤيتي لأهمية طرح مدرسة أهل البيت في الساحة لا علي أنها مجرد مذهب خامس ينبغي الاعتراف به, فالبعض من خصوم مدرسة أهل البيت لايمانع في تقديم هذا التنازل كحل وسط يهدف في النهاية إلي حصر أطروحة آل البيت في إطار لجنة تشريعية, وإنما كانت رؤيتي لأهل البيت ومدرستهم باعتبارهم قادة الأمة وطليعة التضحية والتغيير المستمر. ويفصح الكاتب بوضوح عن هدفه النهائي قائلا: كيف يمكن لأمة تحلم بإقامة دولة إسلامية وهي لاتمتلك مشروعا فقهيا أو فقهاء مجتهدين؟ الجميع يعلمون أن المسلمين الشيعة وحدهم الذين يمتلكون هذا البناء الفقهي وهذه المدرسة المتكاملة. انه حديث الإقصاء لا حديث الاثبات, حديث نفي الآخر وإنكاره ومصادرة مذهبه وعقيدته, وهل يقبل في منظور الدين ومنطق العقل أن يقول قائل لقد دونت كتب الصحاح التي يتحدثون عنها ـ أي أهل السنة ـ بعد قرنين من رحيل النبي الأكرم ولذا جاءت مدونات هذه الكتب خليطا من النصوص المبتورة عن مواضعها, والظروف المحيطة بها بالرغم من صحتها, وتلك النصوص المكذوبة علي رسول الله صلي الله عليه وآله وتلك النصوص المنتقاه التي لاترقي إلي مرتبة النص الشرعي مثل مقولة عبد الله بن عمر الشهيرة التي تتماشي مع المصالح الأموية ومع رغبات كل النظم الحاكمة, أليس هذا حديثا يلتقي فيه التشيع الجديد مع الاستشراق؟ ألم يردد جولد زيهر ولامانس نفس ماتذيعه هذه الأقلام التي تضرب فلسفة التقريب في مقتل وهل يظل التقريب الآن بسبب هذه الأقلام المسكوت عنها من المراجع الكبري هو طريق وحدة الأمة الإسلامية, والصيغة العلمية التي من أجلها رفعت راياته, وأنطوي تحتها الجهابذة المخلصون من فقهاء الفريقين ألا يبدو التقريب مؤخرا وكأنه انقلب من حركة علمية إلي أداة سياسية لتحقيق مآرب أخري خفية. اننا إذا أردنا انقاذ التقريب وإعادة الثقة فيه يجب أن نتفق ـ وبصوت رسمي عال ومسجل علي: 1 ـ العودة بالخلافيات إلي أروقة الدرس ومجالس العلماء المغلقة, صيانة لهذه الأفكار الدقيقة من أن تصبح في متناول من لايملكون أدوات الفصل فيها, ولا يحسنون قواعد أدب البحث والمناظرة وحتي لاتتشوه تلك الأصول والخلافيات وتتحول إلي مادة خبيثة تشعل نار الفتنة بين المسلمين. 2 ـ تصدي علماء الأمة من جميع المذاهب وحسب خطة دقيقة للعابثين بتراث الأمة ومقدساتها, والتبرؤ المعلن والصريح من كل مايعكر صفو العلاقة ولحسابات سياسية حينا وحسابات خارجية حينا آخر. 3 ـ مازال الأزهر حتي هذه اللحظة يترفع عن الخوض في هذه المتاهات, ولايريد أن يصب مزيدا من الزيت علي النار, برغم مايتعرض له مذهب أهل السنة من لمز وهمز بل وإساءة صريحة.. وأخشي ما أخشاه أن تؤدي الاستفزازات المستمرة إلي أن يعدل بعض علماء الأزهر عن هذا النهج ويضطروا إلي خوض حرب إن فرضها عليهم إخوانهم, يجب الكف تحديدا عن الإساءة إلي خلفاء رسول الله صلي الله وزوجه الطاهرة المطهرة والصحابة رضوان الله عليه وسلم عليهم, وإلي الإمام البخاري وأيضا الكف عن الهجوم علي أصول المذهب الشيعي, ولمز التشيع وغمزه واتهامه بما هو براء منه.
| |
| | | ابن الطيب Admin
عدد الرسائل : 704 العمر : 48 السٌّمعَة : 12 نقاط : 829 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: دلالات الاحتفال بليلة القدر الجمعة 24 سبتمبر 2010 - 12:10 | |
| | |
| | | ابن الطيب Admin
عدد الرسائل : 704 العمر : 48 السٌّمعَة : 12 نقاط : 829 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: الإسلام والتأسيس الديني التوحيدي لتعارف الحضارات الأربعاء 29 يونيو 2011 - 13:46 | |
| الإسلام والتأسيس الديني التوحيدي لتعارف الحضارات الإسلام هو الحلقة الأخيرة في منظومة الدين الإلهي الذي بشر به كل الأنبياء والمرسلين من آدم وحتي محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. ومن يتأمل آيات القرآن الكريم يعلم أن الإسلام ليس هو ـ تحديدا ـ الرسالة التي نزلت علي محمد صلي الله عليه وسلم, وإنما هو الاسم الجامع لكل الرسالات التي حملها الأنبياء علي اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم.. ولذلك كان من الطبيعي ان يوصف الأنبياء السابقون علي محمد صلي الله عليه وسلم, بأنهم: مسلمون وأن يطلق علي كل من: نوح وإبراهيم وعيسي اسم: مسلم, كما أطلق علي محمد نفس الاسم بسواء. ويكفي ان نقرأ في القرآن الآيات:331,231,128 من سورة البقرة, والآية25 من سورة آل عمران, والآيتين48 من سورة يونس, والآية:19 من سورة النمل لنتأكد من ان هذه الاسماء المتألقة في لوحة النبوة يصفهم القرآن: بوصف مسلمين. هذا الدين المشترك بين المسلمين وغيرهم من الأمم السابقة عليهم هو: التوحيد المطلق, والتصديق برسل الله, وكتبه. ولاينبغي أن نفهم من اشتراك الرسالات الإلهية في دين واحد, أنها تشترك في شريعة واحدة كذلك.... فالدين مضمون ثابت في كل رسالة لايتعدد ولايختلف, وذلك لأنه يتعلق بحقائق الوجود الكلية الثابتة التي لاتتغير. بينما تختلف الشريعة وتتعدد بين رسالة ورسالة أخري من رسالات السماء, ونعني بالدين هنا: البيان الإلهي المتعلق بالأصول العامة المشتركة بين الرسالات الإلهية, مثل العقيدة والأخلاق والعبادات. أما الشريعة فهي القوانين الإلهية التي تنظم حياة المؤمنين وتصرفاتهم الاجتماعية التي تتغير من زمان لزمان ومن مكان لآخر.وإذا كان أمر الدين واحدا في فلسفة الإسلام, فإن الشريعة ليست كذلك, إنها تختلف باختلاف الناس وبيئاتهم وأزمانهم وأماكنهم وأحوالهم. ومن هنا أكد القرآن علي اختلاف الشرائع بين المؤمنين لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة){ المائدة/84}. ونحن نلاحظ انه بالرغم من اختلاف الشرائع بين جماعات المؤمنين, فإن وحدة الدين تنشيء من علاقات المودة مايشبه صلة الرحم, التي تربط بين المؤمنين جميعا حيثما كانوا وكيفما كانت شرائعهم ورسالاتهم. وهذا هو واقع العالم الإسلامي الذي استوعب جميع أديان العالم المعروف, حيث التقي في محيطه الغربي بالأديان الإبراهيمية: اليهودية والمسيحية, والتقي في محيطه الشرقي بالهندوسية والبوذية, وقدم للتاريخ نماذج مضيئة للترابط الإنساني الذي ينبع من الأخوة الإنسانية الممزوجة بأخوة الإيمان, بل هذه هي تجربتي الشخصية في صعيد مصر, حيث عشنا كمسلمين قرونا متطاولة جنبا الي جنب مع إخواننا المسيحيين الأقباط. ذا ماتقدمنا خطوة أخري في بيان علاقة الإسلام بالأديان وجدنا أن هذه الوحدة العضوية لم تتوقف عند حدود الدين الجوهرية: عقيدة وعبادة وأخلاقا, بل امتدت لتشمل علاقة نبي الإسلام بالأنبياء السابقين, وعلاقة القرآن بالكتب السماوية السابقة, فنبي الإسلام يصدق إخوانه الانبياء, ويؤمن بهم, ويتمم مابدؤوه من دعوة الناس إلي الله.. ويقرأ المسلمون في هذا المعني قرآنا يتلي علي مسامعهم صباح مساء آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير){ البقرة/285}. وقد صور محمد صلي الله عليه وسلم, هذه الوحدة العضوية التي تجمع بينه وبين إخوته من الأنبياء والمرسلين عبر التاريخ, في كلام جميل رائع يقول فيه: أنا أولي الناس بعيسي ابن مريم في الدنيا والآخرة والأنبياء إخوة لعلات, أمهاتهم شتي ودينهم واحد أي: أن الأنبياء يشبهون إخوة من أب واحد وأمهات شتي, والأب الواحد هو الدين الذي يجمعهم جميعا, والأمهات التي تفرقهم هي الأزمنة والأمكنة التي يختلف بها نبي عن نبي, ورسول عن رسول. والشيء نفسه يقال عن القرآن الكريم: إنه يصدق الكتب السماوية في صورتها الأولي التي لم تبتعد فيها عن منبعها الإلهي. ونحن نتعلم من القرآن أن الإنجيل مصدق ومؤيد للتوراة, وأن القرآن مصدق ومؤيد للإنجيل وللتوراة, ولكل ماسبقه من الكتب السماوية نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل. من قبل هدي الناس) آل عمران سماحة الإسلام مع الأديانإن دينا تتأسس فلسفته في علاقته بالرسالات الإلهية الأخري علي هذه الوحدة العضوية التي بيناها في الفقرات السابقة, ومن خلال نصوص صريحة لامجال فيها لغموض او خفاء, لابد وأن ينشيء حضارة سمحة ومنفتحة علي الحضارات الأخري تتعامل معها من منطلق التعارف والتكامل وليس من منطلق الصراع أو الإقصاء. ولو رحنا ندلل علي هذه الفرضية فإن وقت الكلمة لايتسع لتفصيل القول في ذلك ولكن اكتفي بتسجيل الحقائق التالية: ـ يقرر القرآن الذي يحفظه كثير من المسلمين عن ظهر قلب أن الله لو شاء أن يجعل الناس علي دين واحد وعقيدة واحدة ولون واحد ولغة واحدة لفعل, لكنه لم يشأ ذلك, وشاء بدلا منه ان يخلقهم مختلفين في أديانهم وعقائدهم وألوانهم ولغتهم, وأن يستمر هذا الاختلاف إلي آخر لحظة في عمر هذا الكون ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) هود/.811 ويترتب علي هذا الاختلاف الذي أراده الله للناس ان تختلف الأديان والعقائد, وتبقي مختلفة إلي ان يرث الله الأرض ومن عليها. ويمكن أن نقول: إن اختلاف العقائد واستمرارها حقيقة قرآنية وكونية معا, ومن هذا المنطلق لايمكن للمسلم ان يتصور اجتماع البشرية كلها علي عقيدة واحدة او دين واحد, ولا أن يتصور تحويل الناس إلي دين واحد, حتي لو كان هذا الدين هو: الإسلام, وما دام الأمر كذلك فإن العلاقة بين المسلم وغير المسلم هي علاقة التعارف, وهذا ماحدده القرآن في نص صريح واضح يقول يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير) الحجرات/.31 ـ استعراض تاريخ الحضارة الإسلامية يبرهن علي التزام هذه الحضارة بالأصول القرآنية, التي تحدثنا عنها, مع الأديان والحضارات والشعوب التي انفتحت عليها, ولا نستطيع بطبيعة الحال ان نتقصي تاريخ الحضارة الإسلامية في هذا المجال.. ولكن نركز ـ فقط, وفي إيجاز شديد ـ علي تاريخ الإسلام وسماحته مع المسيحية رسالة ورسولا وأتباعا. فالقرآن فيه حديث جميل عن سيدنا عيسي عليه السلام وعن أمه مريم العذراء عليها السلام.. وفيه سورة مريم, وفيه سورة أخري تسمي سورة الروم وهم المسيحيون الشرقيون الذين كانوا يتاخمون حدود الدولة الإسلامية, ويشكلون الجار الأقرب للمسلمين.. وهنا يحدثنا التاريخ ان الفرس الوثنيين حين هزموا الروم المسيحيين, سخر الوثنيون العرب من المسلمين وعيروهم بهزيمة الروم.. ولما شكا المسلمون أمرهم الي النبي صلي الله عليه وسلم, نزل وعد الله بأن الروم سيغلبون الفرس في بضع سنوات قلائل, وأن المؤمنين من مسلمين ومسيحيين سيفرحون بنصر الله.. وهنا نقرأ قول الله تعالي غلبت الروم. في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد. ويومئذ يفرح المؤمنون. بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم. وعد الله لايخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون){ الروم/2 ـ6}. وقد صدق وعد الله, وفرح المسلمون لانتصار الروم المسيحيين.. ويلفت النظر في هذه الآيات أن القرآن ذكر كلمة المؤمنون عنوانا جامعا ينطبق علي المسلمين وعلي الروم.. وهذا العنوان هو وحدة الدين التي تحدثنا عنها من قبل, والتي كادت تجعل من الفريقين امة واحدة في مقابل أمة الوثنية والشرك.. وسورة الروم هذه من السور المتقدمة جدا في نزول القرآن, مما يعني أن علاقة الأخوة بين المسلمين والمسيحيين علاقة مقررة منذ السنوات الأولي من تاريخ المسلمين, وأنها استمرت حتي السنوات الاخيرة في عصر الرسالة المحمدية, حيث نقرأ في سورة المائدة خطابا من الله لرسوله يقول فيه( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لايستكبرون) المائدة/.28 وما قلناه عن موقف الإسلام من المسيحية ينطبق بالقدر نفسه علي اليهودية التي انفتح عليها الإسلام في المدينة,ووجد فيها أوجه شبه عديدة بينها وبينه في مفهوم التوحيد ومفهوم الشريعة وتغنينا صحيفة المدينة, أو وثيقة المدينة التاريخية عن الاستفاضة في بيان صلة الإسلام باليهودية, ويكفي أن أشير الي احدي فقرات هذه الوثيقة التي تنص علي ان اليهود أمة من المؤمنين: لليهود دينهم وللمسلمين دينهم, وعلي اليهود نفقتهم وعلي المسلمين نفقتهم كدليل علي أن الإسلام يوفر حرية اختلاف الدين, وحرية الاستقلال الاقتصادي للآخرين من منطلق الأخوة في الأديان. | |
| | | | مقالات فضيلة الامام الاكبر شيخ الجامع الازهر في جريدة الاهرام المصرية.....متجدد | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
مواضيع مماثلة | |
| |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| عداد الزوار | .: عدد زوار المنتدى :. |
المصحف الالكتروني |
|
تشكيل الكلمات ونصوص مواقع الإنترنت | |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر | |
|