قبس من السيرة .. في ذكرى الرحلة المباركة

قبس من السيرة .. في ذكرى الرحلة المباركة

drawGradient()

لقد كانت رحله الاسراء والمعراج نعمه علوية ونسمة عطرية ،من لدن رب العزه جل في علاه
هبت على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وعلى قلوب صحابته المؤمنين .. قبل أن يهاجروا من مكة إلى المدينة .

كانت هذه الرحله ترضية للرسول وتكريما له بعد تلك السنوات التي قضاها في الأسى والعذاب والضطهاد ،
وتحفيفالحزنه العميق على فقد عمه أبو طالب وزوجته خديجة ومالاقاه من سفهاء مكة والطائف ،
وتجديدا لنشاطه حتى يواصل المسيرة في نشر دعوته ، واشعارا له
بأن له مكانه لم يبلغها ملك مقرب ولانبي مرسل ،
وكانت أيضا لقاء ربانيا تتعانق فيه قيم الأنبياء من قبله عليه وعليهم الصلوات والسلام.
إبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان وجميع الانبياء .. كما حدث
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بقوله :
(( إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي
كمثل رجل بنى بيتا فأجمله وأحسنه إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه ،
فجعل الناس يطوفون به يعجبون ويقولون :هلا وضعت هذه اللبنة ؟
فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم الأنبياء .

ولهذا نجد أن النبي عليه السلام حين دخل بيت المقدس ليلة الأسراء صلى بالانبياء ،
وبعد الصلاة وقف كل نبي مثنيا على الله ومرحبا بمحمد خاتم الأنبياء والمرسلين ،
وقام النبي عليه السلام فألقى كلمته المشرقة بنور الإيمان والهدى والشكرلله على فيض نعمائه
((كلكم أثنى على ربه وأنا اثني عليه سبحانه : الحمدلله الذي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا
وأنزل على الفرقان وفيه تبيان لكل شيء وجعل أمتي خير أمة ،وجعلها أمة وسطا وهي الأولى والأخيرة
وشرح صدري ووضع وزري ورفع ذكري وجعلني فاتحا وخاتما )).

إن علينا - نحن كمسلمين - أن نتبع سبيل نبينا ،وأن نتخلق بأخلاقه ونتأدب بأدابه ..
وقد كان خلقه القرآن كما قالت السيدة عائشه رضي الله عنها ، أنه قد تخلق
بأكمل كتاب رباني سماوي فهو إذن أكمل رسول وخير خلق الله اجمعين ،
وهو أقرب المقربين إلى الله تعالى ، وماأعظم واروع وأبدع أن يعب الاسراء والمعراج الأرضين والسموات ،
وأن يخترق بقدرة الله الكون كله إلى حيث لقى ربه ورأه.. لقد وصل إلى أفق لم يعد فيه مكان ثم دنا فتدلى
فكان قاب قوسين أو أدنى ، فناجى ربه ورأى من آيات ربه الكبرى .. ورأى مالم ترى عين أو تسمع أذن
ولم يخطر على قلب بشر .
أخرج أحمد عن ابن عباس قال : (( نظر محمد إلى ربه)) فدهش عكرمة بن أبي جهل . فقال عباس : نعم
ان هذا الحق ، فقد جعل الله الكلام لموسى ، والخلة لإبراهيم والنظر لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وفي الصحيحين :
(( سأل ابو ذر النبي ، يارسول الله : كيف رأيت ربك ؟
فقال : نور أنى أراه ))
وأخرج الترمزي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(( لقيت إبراهيم ليلة اسري بي فقال : يامحمد ،أقري امتك مني السلام وأخبرهم
ان الجنه طيبة التربة ، عذبة الماء وأنها قيعان ، وان غراسها : سبحان الله
والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
أما بعد : فهذه أقباس وضاءة من سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام


محمود عبد الخالق خلاف امام وخطيب مسجد ابو خوذة - القاهرة
كتبت بتاريخ 22-12 -1995
من جريدة قديمة أحتفظ بها وجدتها بين أوراقي فأحببت نقلها لكم