فمن ذلـك أنـه كـان لا يتكلـم فـي مجلسـه أصـلًا إلا إذا سألـه فإنـه يجيبـه على قدر السؤال ولم يزل يستعمل ذلـك معـه حتـى إذن لـه بالتكلـم فـي مجلسـه فـي بعـض رحلاته إلى القاهرة وسببه أنه لما رأى إقبال النـاس عليـه وتوجههـم إليه قال له: أنبسط إلى الناس وأستقبلهم لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم.
ومما أتفق له أن شيخه المذكور قال له مرة: تعال الليلة مع الجماعة واذكروا عندنا في البيت.
فلما دخل الليل نزل شتاء ومطر شديد فلم يتخلف وذهب حافيا والمطر يسكب عليه وهو يخوض في الوحل فقال له: كيف جئت في هذه الحالة.
فقال: يا سيدي أمرتمونا بالمجيء ولم تقيدوه بعذر وأيضًا لا عذر والحالة هذه لا مكان المجيء وأن كنت حافيـًا فقـال لـه: أحسنـت هـذا أول قدم في الكمال إلى غير ذلك.
ولما علم الشيخ صدق حاله وحسن فعاله قدمه على خلفائه وأولاه حسن ولائه ودعاه بالأخ الصادق ومنحه أسرارًا وأراه عيون الحقائق وكيفية تلقين الذكر وأخذ العهد كما وجد بخط الأستاذ يظهر ثبت عبد الله بن سالـم البصـري مـا نصـه: هـذه صـورة أخـذ العهـد أرسلهـا إليـه السيد البكري الصديقي الخلوتي حين أذنه بأخذ العهود على طريقة السادة الخلوتية.
ونص ما كتب كيفية المبايعة للنفس الطائعة أن يجلس المريد بين يدي الأستاذ ويلصق ركبته بركبته والشيخ مستقبل القبلة ويقرأ الفاتحة ويضع يده اليمنى في يده مسلما له نفسه مستمدًا من أمداده ويقول له: قل معي أستغفر الله العظيم ثلاث مرات ويتعوذ ويقرأ آية التحريم: يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا إلى قدير ثم يقرأ آية المبايعة التي في الفتح ليزول الاشتباه وهي: أن الذين يبايعونك أنما يبايعون الله اقتداء برسـول اللـه صلـى اللـه عليـه وسلـم إلـى قولـه تعالـى عظيمـًا ثم يقرأ فاتحة الكتاب ويدعو الله لنفسه وللآخذ بالتوفيق ويوصيه بالقيام بأوراد الطريق والدوام علـى ذوق أهـل هـذا الفريـق وعـرض الخواطـر وقـص الرؤيـات العواطـر وإذا وقعـت الإشـارة بتلقيـن الاسم الثانـي لقنـه ليبلـغ الأماني.
وفتح له بـاب توحيـد الأفعـال إذ لا غيـره فعـال وفـي الثالـث توحيد الأسماء ليشهد السر الأسمى وفي الرابع توحيد الصفات ليدرجه إلى أعلى الصفات وفي الخامس توحيد الذات ليحظى بأوفر اللذات وفـي السـادس والسابـع يكمـل لـه التوابـع.
ونسـأل اللـه تعالـى الهداية والرعاية والعناية والدراية والحمد للـه رب العالميـن انتهـى.
هذا ما كتب بخطه الشريف.